عزيز الدادسي.
اعترف عبد العزيز بوتفليقة متأخرا بخطورة الوضع الاقتصادي في الجزائر، مثلما اعترف قادة النظام العسكري متأخرين بأن بوتفليقة رجل مريض ولا يستطيع تسيير البلد، وبدأ في استجداء المستثمرين، حيث دعا إلى هبة تضامنية للمساهمة في استحداث الثروة ومناصب شغل جديدة، وطالب السلطات العمومية برفع درجة تحسيس الجزائريين بخطورة الظرف المالي لاستقطاب مساهماتهم في الحفاظ على استقلالية القرار، فيما تم الموافقة على رفع قيمة الرسوم المفروضة على الوقود والهاتف النقال والمواد الكمالية المستوردة.
وهذا يعني أن عهد المصاريف الكثيرة على وشك الانتهاء، وسيكون ذلك كارثيا على الخونة والمرتزقة الذين كانوا يعيشون من عائدات النفط والغاز، التي نضبت بشكل كبير جدا، ولم يعد بمقدور النظام الجزائري استئجار أبواق الدعاية لأنه اليوم في حاجة إلى تأمين القوت قبل المجاعة التي قد تتلوها الثورة الشعبية العارمة.
وقال بوتفليقة "يبقى لعالم الشغل وأرباب العمل الوطنيين العموميين والخواص التضامن من أجل استقرار اجتماعي ضروري واستغلال القدرات الوطنية الهائلة في كل المجالات وتمكين الاقتصاد الوطني من تحقيق تقدم في مجال الإنتاجية والتنافسية".
وهنا بدأ الرئيس في استجداء رجال الأعمال، بعدما كانت الدولة تهيمن على كل شيء، وتستغل خيرات البلاد في غير محلها وتبذر خيرات الشعب في المؤامرة على المغرب، ولم يكن لرجال الأعمال أي دور إلا إذا كانوا مرتبطين بالمخابرات العسكرية ويخدمون أهدافها ويحولون جزءا مهما من أرباحهم للخارج كي تمر إلى حسابات الجنيرالات وإلى تمويل المرتزقة الذين يشتغلون ضد المغرب.
وطالب بوتفليقة السلطات العمومية "أن توضح أكثر للسكان خطورة الظرف المالي الذي تمر به البلاد والطابع المنفرد عالميا لنفقاتنا العمومية الاستثمارية وتحويلاتنا الاجتماعية"، حتى ينضم الشعب للجهود الضرورية للحفاظ على استقلالية القرار الاقتصادي للبلاد، في إشارة ضمنية منه لتفادي سيناريو الاستدانة، "والحفاظ على العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني"، مؤكدا على "الاستمرار في ترشيد النفقات العمومية ومكافحة التبذير وكافة أشكال المساس بالثروات الوطنية بما في ذلك الفساد".
متى كان النظام الجزائري يعير أهمية لرأي المواطن؟ فهو كان يقول مثل فرعون "لا أريكم إلا ما أرى". فيوم كانت العائدات بالملايير والاحتياط مثل خزائن قارون كان الشعب يعيش الفقر، واليوم أرادوا منه مزيدا من "تزيار الصمطة".