لم تنف وزارة الداخلية ما نسب لوزيرها محمد حصاد من قوله بأن حميد شباط، الأمين العام لحزب الإستقلال، حاول ابتزاز الدولة، مما يفيد بصحة ما نشرته الصحافة…
الكلام الذي نسب لوزير الداخلية لم يشرح نوعية الإبتزاز الذي اقترفه شباط، وإن فهم منه بأن زعيم حزب الإستقلال طالب الإدارة بدعمه في رئاسة جهة فاس مكناس وإلا تصرف بشكل آخر…
لقد ظهر من خرجة شباط ليلة انتخابات رئاسة الجهة، بعدما دعا أعضاء حزبه إلى الخروج من تحالف المعارضة، وتهديده باتخاذ قرارات لم يفصح عن طبيعتها، ظهر من ذلك أن هناك شئ ما يحدث له، فسره البعض بأنه حر الهزيمة، لكن كلام وزير الداخلية شرح شيئا من ذاك الذي يجري…
إنه من غير المنطقي أن يطمع شباط في رئاسة جهة فاس مكناس وهو الذي تجرع كأس هزيمة مدوية في قلعته أمام غريم مستعد لأن يكتفي من الإنتخابات فقط بهزم شباط.
فضح محاولة ابتزاز شباط للإدارة، كما أفاد وزير الداخلية، يحتمل عدة قراءات ويطرح عدة أسئلة. فهل هي رسالة دالة على أن المرحلة تشكل بالفعل قطيعة مع ممارسات يشهدها الحقل السياسي في المغرب تقوم على خلق توازنات حزبية من خلال توزيع الكعكة، وبالتالي فإن البلاد مقبلة على ممارسة سياسية وحزبية تقوم على التنافسية الحزبية الصرف دون تدخل أو حسابات؟
هل ما وقع مع شباط هو تعامل نابع من هزيمة الرجل التي جعلته غير ذي نفع وبالتالي فيجب أن ينسحب بهدوء فقط…؟
هل شباط وهو يتجرأ على طلب دعمه إنما يقوم بسلوك تعود على القيام به في السابق؟
هذه الأسئلة وأخرى تطرح نفسها بإلحاح في الواقعة. غير أن هناك حقيقة لا يمكن القفز عليها، تتمثل في أنه إذا صح ما نسب لشباط فإن ذلك يؤكد ما قيل في حينه من أن الرجل لا يستحق أن يكون على رأس حزب علال الفاسي، بل وجوده على رأس حزب الإستقلال سبة في حق هذا الحزب وفي حق السياسة في المغرب.
لقد قيل كلام كثير يوم انتخب شباط على رأس الإستقلال، وحاول البعض أن يضع مقارنات بينه وبين الذين سبقوه على كرسي أمانة هذا الحزب العتيد في المغرب، بل وتتالت المقارنات لتبلغ رجالات السياسة السابقين في المغرب من عيار المهدي بنبركة وعبد الرحيم بوعبيد وامحمد بوستة وعبد الرحمان اليوسفي، وتبين من خلال تلك المقارنات السقوط الذي بلغته السياسة في المغرب.
أن يبلغ الأمر بزعيم حزب طلب تدخل الإدارة للتأثير على نتائج الإنتخابات فهذا دليل قاطع على صحة السقوط الذي قيل سابقا.
إن الأحزاب السياسية، الكبيرة والتاريخية منها على الخصوص، مطلوب منها أن تؤدي مهامها باستقلالية تامة عن الإدارة، بكل بساطة لأنها بمثابة درابزين سلم الديموقراطية. لكن أن تصبح مجرد ديكورات تشارك في هيكل تزييني للواجهة، فذاك ما لا يخدم الديموقراطية ولا يخدم الوطن ولا يخدم الدولة أيضا…
حكيم بلمداحي.