“أصمت رجاء، هذا هو أفضل ما قد تفعله في هاته الأثناء”
تتبعت مثل غيري مرور إيريك لوران من قناتي “بي إف تي في” و”إي تيلي” الإخباريتين الإثنين ردا على الفضيحة التي تورط فيها رفقة زميلته كاترين غراسيي بعدما حاولا – دونما نجاح – ابتزاز المغرب، وطالبا بمبلغ ثلاثة مليون يويرو مقابل التوقف عن نشر كتاب زعما أنه يسيء للمغرب.في لحظة من اللحظات ضبطت نفسي وأنا أشعر بالشفقة لحال إيريك لوران. الرجل لا يجد جملة واحدة صائبة يقولها، ولا يستطيع بلورة دفاع مستقيم عن نفسه، يقدم الفكرة ونقيضها ويحاول التهرب من تلبس وقع فيه ورطته فيه تسجيلات واضحة لا لبس فيها. في فترة من فترات الحوار مع “بي إف إم” قال إيريك لوران ردا على سؤال “من تحدث عن مبلغ 3 مليون يورو؟ أنت أم المحامي؟” أجاب بالحرف “أنا، هو…إلى آخره. moi, lui etc ”.هذه الجملة لوحدها وهي تأتي ممن كانوا يقدمونه لنا حتى أسابيع قليلة، بل قل حتى أيام قليلة مضت باعتباره صحافيا استقصائيا لا يشق له غبار تقول كل شيء عن الحالة السيئة للرجل الستيني الذي وجد نفسه في أرذل عمره الصحفي في هذا المطب القاسي للغاية. لماذا أتى لوران إلى بلاتوهي بي إف إم وإي تيلي؟ الرد واضح، لرتق بكارة هو يعرف أنها تعرضت الآن لأكبر تمزق في التاريخ. لكنه كابر وأراد معاندة الواقع وأصر على أن يذهب بعيدا في الدفاع بالهجوم، ولو حد لي عنق الحقائق والطعن في كل شيء، حد التلويح بأن العدالة الفرنسية تشتغل لصالح المغرب، حد تجريد المحامي ديبون موريتي من جنسيته الفرنسية والقول إنه أصبح من الرعايا المغاربة، حد الطعن في التسجيلات والقول بأنها زورت، حد سب دار نشر “لوسوي”، والقول تعليقا على قرارها عدم نشر الكتاب “bon débarras”، وقس على ذلك ماتشاء من الدلائل على أن إيريك لوران اختار الانتحار المهني مباشرة على شاشة التلفزيون بالنسبة لكل من شاهدوا الرجل، هذا الدرس القاسي هو درس انكشاف الحقائق مهما طال أوان تزويرها أو تغييرها بالأكاذيب وادعاء السمعة النظيفة، ورفع الشعارات البراقة التي تسحر السذج والأغبياء، والتي قد تدوم بعض الوقت، وقد تخدع بعض الناس، لكنها لاتستطيع الدوام كل الوقت ولا تستطيع خداع كل الناس.جرت العادة في المغرب أن تكون فرنسا ملقنة دروس لنا في المجال الصحفي باستمرار، وعديدون من صحافيي المغرب يفخرون أنهم تعلموا أمورا كثيرا من صحافة فرنسا (الصحافة الحقيقية لا هاته الصحافة).اليوم أيضا نتلقى درسا جديدا قادما من بلاد الأنوار، مفاده أنه من الضروري فعلا الانتباه لعامل الوقت في أي شي يقوم به الإنسان لأن الزمن كشاف. ختاما وعلى بلاتو “بي إف إم” حين سأله الصحافي “هل أنت تباع وتشترى؟ كان ممكنا لك أن تتوقف عن نشر الكتاب دون أن تتلقى المقابل إذا تعبت مثلما تقول “، قال إيريك لوران “المسكين”: لدي ظروف خاصة ولدي حياة شخصية معقدة”.الشفقة، ثم الاحتقار. ذلك هو الإحساس الوحيد الذي يلازمك بعد الانتهاء من المشاهدة، مع أمل تكاد تقوله من خلف الشاشة لإيريك لوران الآن “أصمت رجاء، هذا هو أفضل ما قد تفعله في هاته الأثناء”.
بقلم: المختار لغزيوي.