بوحدو التودغي
لا يمر شهر في الجزائر دون ان نسمع عن أخبار مقتل عناصر من الأمن أو الدرك أو الجيش، سواء في كمائن تنصب لها من طرف جماعات إرهابية أو من خلال تفجيرات تتبناها هذه الجماعات، وهي أخبار تأتينا إما عبر بيانات على الانترنت لهذه الجماعات الارهابية أو من خلال بلاغات السلطات الجزائرية..
إلا أن الغريب في الأمر، ولو أن ذلك ليس بغريب بالنسبة للعارفين بخبايا دواليب النظام في الجزائر، هو أن لا أحد يهتم بالأمر في مجمع الأمم ولا دولة تدين وتستنكر هذه الفظاعات، كما يحدث خلال الهجمات والتفجيرات الإرهابية التي تكون دول أخرى مسرحا لها..
المتخصصون في الشأن الجزائري يعرفون حق المعرفة لماذا يحدث هذا الأمر ولماذا لا تسارع الدول الأوربية وأمريكا وبلدان ما يسمى بالعالم العربي، إلى استنكار ما يحدث بالجزائر وإعلان تضامنها مع النظام الجزائري، لأن الأمر يتعلق بكل بساطة بمسرحية من إخراج هذا النظام نفسه، حيث يعمد إلى الإعلان عن حوادث كهذه لكي يخيف الشعب ويدخل في عقول المواطنين فكرة مفادها أن البلد مستهدف من طرف الإرهابيين وأن الخطر محدق به، حتى يتجرع بسهولة "لازمة" الحل هو "الجيش"، ويهضم بسهولة اسطوانته المشروخة التي تفيد أن لا مخرج ولا حل إلا بإبقاء الجيش والمخابرات تحكم الجزائر، وذلك للحفاظ على مصالح هؤلاء ووضعهم المريح على حساب الساكنة التي تعيش وضعا مزريا أدى ويؤدي إلى العديد من الإنفجارات الإجتماعية التي ووجهت بالسلاح والنار تحت مبرر المحافظة على الوحدة الوطنية ومواجهة العدو الأجنبي "الوهمي". وما يقع اليوم بوادي مزاب خير دليل على ما نقول، حيث يجري تقتيل الأمازيغ تحت أعين السلطات الجزائرية وبتواطؤ لعناصرها مع المجرمين، وفي غياب لأي محاسبة لهؤلاء الذين تُركوا أحرارا يفسدون ويؤججون الوضع في حين تم اعتقال الضحايا وبعض المناضلين الحقوقيين، لا لشيء سوى لأنهم كشفوا أكاذيب المخابرات والجنرالات وأصبحوا يشكلون خطرا على مصالح هؤلاء الشخصية وبذلك وجب التخلص منهم بأي طريقة بموازاة استعداء الشعب ضدهم..
إن العمليات الإرهابية التي تقع في الجزائر، سواء كانت وهمية أوحقيقية، تدخل كلها في إطار استراتيجية المتنفذين في الحكم بالجزائر والذين يريدون البقاء على رأس النظام مهما كانت النتائج ولو كلفهم الأمر القضاء على كل الشعب واستعداء بعضه على بعض، وهي استراتيجية نُفّذت في الجزائر منذ ما سمي بالاستقلال ولاتزال تُؤتي أكلها اليوم، حيث ان الشعب لم يجد سوى الإذعان لرغبة المخابرات والجنرالات الذين نصبوا رئيسا "ميتا" على أكتاف الشعب الجزائري رغما عنه، إلا أن جل بلدان المعمور، باستثناء تلك التي تستفيذ من ريع الغاز والبترول الجزائري، فطنت منذ زمان لهذه الاستراتيجية، لذا فإن أخبار العمليات الإرهابية التي تعلن عنها كل مرة السلطات الجزائرية لا تزيد ولا نتقص من قناعة المنتظم الدولي بأن الدولة في الجزائر يحكمها "قطاع طرق" وعصابات مافيوزية بفضل السلاح وعائدات النفط ولا تهمها مصالح الشعب ولا هم يحزنون..