هددت الحكومة الجزائرية الأحد بإلغاء الإعلام المرئي الذي يفضح واقع البلاد التي تعتبر مشتلا للإرهاب ومصدرة له منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، حينما أصر النظام الجزائري بقيادة جنرالات العسكر على إلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية التي فازت بها جبهة الإنقاذ الإسلامية وتلاعب باللعبة الديمقراطية بـ"إقالة" الرئيس الشاذلي بنجديد وتحكم في الوضع فاسحا المجال لحرب أهلية بين مختلف أجهزة النظام المتناحرة على مقاليد السلطة واقتسام كعكة خيرات البلاد من البترول والغاز ضد مختلف الأطراف المدنية التي كانت ترى في نفسها أهلا للسلطة بحجية الانتخابات، وفي مقدمتهم الإسلاميون، الشيء الذي جعل الجنرالات يفلحون حينها في تفريخ ميليشيات، بشعار الدين والتطرف، معادية لهذه الأطراف واستباحوا الجزائر لتكون أرضا للجريمة المنظمة والإرهاب والتطرف بكل أنواعهما إلى حدود اليوم. وفي الوقت الذي تبث قناة "الشروق" الخاصة منذ بداية شهر رمضان برنامج "الرهائن" في شكل كاميرا خفية يجسد عمليات خطف رهائن توحي بما تقوم به تنظيمات إسلامية متطرفة، هددت وزارة الاتصال الجزائرية في بيان أوردته وكالة الأنباء الحكومية باتخاذ "إجرءات قانونية" يمكن أن تصل حد "سحب الترخيص" الممنوح لخمس قنوات خاصة تخضع لقانون أجنبي، علما أن القانون الجزائري لا يجيز حتى الآن القنوات الخاصة، وهو ما يفسر الإجهاض المخدوم لحرية التعبير ضد الأعراف والمواثيق الدولية في وقت تغض الطرف عنه جل المنظمات الحقوقية والقانونية والمنابر الإعلامية المحلية والدولية المتشدقة بحقوق الإنسان والحريات وفي مقدمتها حرية التعبير. وشدد القرار على غلق قنوات التلفزيون التي تستهين بالعنف خصوصا بعد بث حلقات "كاميرا خفية" تجسد خطف رهائن من قبل متطرفين إسلاميين مفترضين. وعلى الرغم من أن هذه القنوات نهلت من الواقع المعيش للجزائر الذي هو العنف بكل أشكاله الذي تخبطت وتتخبط فيه الجزائر منذ استقلالها كما هو الإرهاب الذي تفننت في صناعته وتصديره إلى مناطق الجوار كما إلى أوروبا، هاجمت الوزارة التي يتخندق وراءها كبار الضباط الجزائريين لتسييرها والتحكم فيها، القنوات مشددة على تطهير برامجها مما اعتبره الجنرالات والنظام الجزائري مشاهد منافية لتقاليدهم العريقة في وقت يؤكد التاريخ أن التقاليد العريقة لحكام الجزائر هي التحريض على العنف وصناعة الإرهاب. وانساقت "أ - إيف - بي" الرسمية الفرنسية إلى بث الخبر والتعليق عليه والتحليل بكبير من التشجيع والإشادة بقرار جنرلات الجزائر محابية إياهم، محاكية منابر إعلامية محلية تغازل النظام وترتعش من بطش جنرالات العسكر والمخابرات، من قبيل صحيفة "تريبيون" التي أشارت إلى "تراخي" السلطات وتساهلها إزاء ما اعتبرتها قنوات محافظة تمنح يوميا منبرا لوجوه سلفية مثل عبد الفتاح حمداش الذي طالب الحكومة بالحكم بالإعدام على الكاتب الصحافي كمال داود. وكالة الأنباء الفرنسية الرسمية وهي تخوض في هذا القرار التعسفي ضد الإعلام الجزائري بكبير من الفخر، كرست تملقها الكبير لجنرالات الجزائر على الرغم من إدراكها القمع الذي تمارسه الجزائر ضد الإعلام حيث تمارس عليه الرقابة العمودية والأفقية في وقت واحد ويهيمن الجنرالات عليه،وهو ما يبرره ترخيصها لقنوات خاصة تخضع لقانون أجنبي، مع عدم الترخيص للقنوات الخاصة بالاشتغال، وعلى الرغم كذلك، من إدراكها الملي أن واقع الجزائر واقع إرهابي صرف اشتدت صناعته في تسعينيات القرن الماضي و تقوى تصديره إلى بلدان الجوار والصداقة، ليس في دول جنوب الصحراء والساحل التي عانى فيها مواطنون وزملاء إعلاميون فرنسيون وغربيون من الاختطاف والرهن وإنما إلى فرنسا التي تضررت من هذا الإرهاب في عقر دارها حتى بالأمس القريب في عمليتي شارلي إيبدو وكاشيرفي يناير الماضي، وبعدهما عملية مدينة ليون في الأسبوع الأخير.