إحصاء ساكنة تندوف يتحول إلى مطلب حقوقي دولي لم تكن لا الجزائر ولا قيادة البوليساريو تتوقع وصوله هذا المدى الذي وضعهما في حرج كبير، الفاعل الجديد في هذا الملف منظمات دولية لها وزنها، حيث استوقفت المنظمة الدولية (إيد فيديراسيون)، أمس الثلاثاء، مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة حول الحرمان من الحقوق داخل مخيمات تندوف، وخاصة غياب أي تسجيل لساكنة هذه المخيمات.
مثل المنظمة الدولية قال أمام مجلس حقوق الإنسان «إن المحتجزين في تندوف جنوب غرب الجزائر لا يستفيدون من أية حماية دولية لحقوقهم بسبب الرفض القاطع لهذا البلد لطلبات المفوضية العليا للاجئين من أجل تسجيلهم، وأوضح خلال جلسة علنية لمجلس حقوق الإنسان أن غياب تحديد هوية وتسجيل سكان المخيمات يعد سببا في حرمان الساكنة لفترة طويلة من حرية التنقل، والتعبير والتجمع بالإضافة إلى حقوق أخرى.
وذكر المتدخل أن القرار الأخير لمجلس الأمن (2218) حول قضية الصحراء والذي تمت المصادقة عليه في أبريل الماضي، أكد على ضرورة إحصاء ساكنة هذه المخيمات، وأشار إلى أن الغموض الذي يلف العدد الحقيقي لساكنة مخيمات تندوف يهدف إلى «إعطاء مصداقية للأرقام الوهمية التي تقدمها السلطات الجزائرية منذ 40 سنة. هذه الوضعية شجعت جميع أنواع الغش والاستغلال والاختلاس للمساعدات الإنسانية، التي يتم بيعها في البلدان المجاورة كما يشهد على ذلك تقرير المكتب الأوروبي لمحاربة الغش.
وصول ملف إحصاء ساكنة تندوف إلى مجلس حقوق الإنسان سيفتح على الجزائر جبهة كانت مطمئنة على صدها، بل كانت تستغلها في دعاية قوية ضد المغرب، مستغلة كل الأحداث التي تقع في الأقاليم الجنوبية للمغرب، وتحويلها إلى معارك حقوقية ضد المغرب، في مقابل تقديم الوضع في المخيمات على أنه مستقر وأن من يوجدون فيه ينعمون بالتماسك «الثورى»، مستغلة تعاطف العديد من المنظمات الحقوقية اليسارية لشيطنة المغرب.
تحول أنظار المنظمات الحقوقية الدولية لم يأت من فراغ، بل جاء تتويجا لدخول العديد من النشطاء الصحراويين لهياكل هذه المنظمات والاشتغال بها لتقديم الصورة الحقيقية التي يعيشها المواطن الصحراوي سواء في المغرب أو في مخيمات تندوف، وتنظيم رحلات استطلاعية لوفود العديد من المنظمات للاطلاع عن كثب عن الوقائع، ووجدت في الترسانة القانونية التي وضعها المغرب لحماية حقوق الإنسان وتعامله مع جميع المنظمات التابعة لمجلس حقوق الإنسان بانفتاح كبير، آلية لإقناع المجتمع الحقوقي الدولي بحقيقة أوضاع حقوق الإنسان بالمغرب.
وساعدت الحركية الإعلامية للمعارضين لقيادة البوليساريو في مخيمات تندوف، في نقل الوجه الآخر لمعاناة الصحراويين من تسلط الأجهزة القمعية لجبهة البوليساريو، ونقلها لصور العديد من حالات القمع والاختطاف والاختفاء القسري في تغيير الصورة النمطية التي رسمتها الجزائر في أذهان المنظمات الحقوقية الدولية، وبدخول مطلب إحصاء ساكنة المخيمات لمجلس حقوق الإنسان، يكون المغرب قد نجح في وضع جزء من قضيته في المسار الصحيح للمعركة.
عبد الكبير اخشيشن