بوحدو التودغي
ليس لدى جماعة العدل والإحسان الوقت لتضيعه في التضامن مع فتاتي إنزكان أو ما أصبح يعرف بقضية الصايا. فهي مخولة لإقامة الخلافة على منهاج النبوة وحديثها عن الدولة المدنية أثناء حراك الشارع هو مجرد تكتيك. وحسب القيادي في الجماعة حسن بناجح، الذي يعتبر وسيطها في التعامل مع المخابرات الأمريكية، فإن مثل هذا الفعل تافه ولا يرقى إلى مستواها.
فالجماعة ألفت أن تخرج للشارع لتصرف مخزونها من الكبت والحقد عبر سب وشتم المؤسسات، أما التضامن مع ضحايا التحرش الجنسي فلن يسمع فيه قادة الجماعة سوى سب وشتم الظلاميين، والجماعة لديها عقدة من هذا المصطلح لأنها جزء منه.
ووجه بناجح انتقادات لاذعة للذين شاركوا في الوقفات الاحتجاجية ضد محاكمة فتاتي إنزكان بسبب "الصايا"، واعتبر أن الأمر "تافه" و"لا يستحق كل هذه الضجة".
وقال بناجح في تدوينة له عبر "فايسبوك"، "مقابلين الصايات والخوا الخاوي، ومنوضين مندبة على التوافه والنفخ في نار فتنة كامنة تحت رماد تستعر لتفرق وتشتت وتضعف المجتمع ليقوى المستبد".
وفي المقابل انتقد بناجح "الجمود" في التفاعل مع بعض القضايا الأخرى، التي تهم حرية التعبير والرأي قائلا: "في حين هناك شبه صمت أمام قمع حرية التجمع والرأي واستهداف عدد من الصحف والصحافيين"، حسب تعبيره. وزاد بناجح قائلا: "دعوا المتاهات فالطريق سالك وواضح".
العدل والإحسان تحسبها جيدا. فهي لا تشارك إلا في التظاهرات التي تستعرض فيها عضلاتها. فالعدل والإحسان ألفت أن تبعث الرسائل من خلال خرجاتها، وهي لا تبعث الرسائل للداخل بل للخارج، وخصوصا رعاة الربيع العربي تمد يدها مفتوحة دون شروط سوى شرط الوصول للحكم الذي يساوي عندها الخلافة، التي ستبقى غصة إعلانها من قبل أبو بكر البغدادي في حلق أبناء الجماعة.
فالعدل والإحسان عبرت من خلال مسارها عن انتهازية كبيرة، فإذا لم تكن التظاهرة منسجمة مع مواقفها فهي تطعن فيها بدل أن تعتبرها حرية واختلاف. وها هو بناجح يقف في التناقض، ففي الوقت الذي يتهم الدولة بقمع الحريات يستكثر على مواطنين مغاربة التعبير عن رأيهم في قضية خلافية، ولو أتيحت للجماعة السلطة لمارست "التدعيش" بطريقتها، وليست داعش سوى الفكر الذي يلغي الآخر واختياراته.