عزيز الدادسي.
الملياردير كريم التازي، صاحب مجموعة ريشبوند، يريد أن يلبس بذلة ليست على مقاسه. بذلة الرجل الثوري بعد أن ابتلع وما زال حقوق العمال، الذين يحشرهم في علب السردين. رجل مصاب بجنون العظمة. حاصل على الجنسية الفرنسية ويحمل جوازها، مثله في ذلك مثل من يشك في بلده وقوانينها. هذه الصفات خلقت وهما لدى هذا الملياردير، المدافع عن حقوق الكادحين في مسيرات 20 فبراير الساحق لها في معامله. هذا الوهم جعله يعتقد أنه فوق القانون ويمكن أن يفعل ما يشاء بحرية.
كريم التازي يعتقد أن هناك من يكيد له كيدا. لكن تصرفاته وحدها تبين كل يوم أنه مجنون بالعظمة، ناسيا أن الرأسمال الوطني لا يمكن بناؤه من خلال إرث يعلم الجميع كيف تكوّن وتجمع لدى العائلة. وهو نفسه يبرهن على هذا الجنون. كان عليه أن يقبل تطبيق القانون، وحتى لو شعر بالإجحاف كان عليه أن يلجأ للقضاء. لكنه فضل الزعيق لما واجهته السلطة المحلية بمنع حفل للحاقد لأنه لا يستوفي الشروط القانونية.
وهكذا لم تعد لغطرسة كريم التازي حدود تقف عندها. فبعد منع حفل للرابور الحاقد، الذي نال الشهرة من السجن بعد جنحة بيع تذاكر خارج القانون وليس من إبداعه، واجه باطرون ريشبوند باشا عين السبع بالعنف. وقد تم تسريب شريط فيديو يصور عملية الغطرسة التي مارسها التازي ومحاولة تقديم نفسه على أنه قادر على إعطاء دروس في حرية التعبير وفي الديمقراطية، رغم أن الطريقة التي كان يتحدث بها لا تختلف عن لغة أهل الشوارع الذين لا يحترمون شيئا.
من خلال المحاورة التي دارت بينه وبين الباشا، والتي ظل فيها رجل السلطة ممسكا بأعصابه إلى أقصى درجة، يتبين إلى أي حد أن كريم التازي كان على خطأ غير أنه لا يريد الاعتراف به. فهو بنفسه يعترف أن جمعية مؤسسة ريشبوند تشتغل خارج القانون لأنها لم تجدد مكتبها كما ينص على ذلك القانون الذي ينظم عمل الجمعيات المدنية في المغرب. فكان عليه بدل الصراخ وتقديم نفسه على انه مدافع عن الديمقراطية، كان عليه أن ينسجم مع القوانين الجاري بها العمل.
ويظهر أن التازي لا يريد أن يخضع للقانون وأن يعترف به إلا إذا كان في مصلحته، وكمثال على ذلك طلب من الباشا منعا كتابيا فطلب منه الباش طلبا كتابيا حول هذه التظاهرة. وأوضح الباشا انه سيمنحه المنع الكتابي في حالة تقديم الطلب كتابيا. عندما قال له الباشا ذلك ما كان منه إلا أن نطق بجملة مهينة حيث وصف رجل السلطة بالمنافق.
فالسلطات المحلية خاضعة للقانون في قضية المنع. فبالإضافة إلى عدم تجديد الجمعية لمكتبها فإن المكان لا تتوفر فيه أبسط شروط السلامة التي تسمح بعقد تجمع عمومي.
وذهب كريم التازي بعيدا عندما طلب من الباشا أن ينادي على الذين منعوه واتخذوا القرار بدل هؤلاء الصغار. وهي جملة تبين أن التازي يعاني من عقدة المؤامرة ويراها في كل شيء، حتى يقدم نفسه على أنه الديمقراطي الوحيد الذي يغني نغمة حرية التعبير والإبداع. من هم الأشخاص الذين طلب التازي حضورهم؟ ربما ينبغي أن يتم وضع قوانين مفصلة على مقاس كريم التازي وحده.
هل يمكن لكريم التازي الحاصل على الجنسية الفرنسية، ان يحدث موظفا فرنسيا بالطريقة التي تحدث بها مع باشا عين السبع؟ هل بإمكانه خرق قوانين الجمهورية؟ طبعا لا. غير أنه في المغرب يعتقد أنه يمكن أن يفعل ما يشاء من خلال الوضع الاعتباري لعائلته وعلاقاته. في نهاية حديثه إلى ممثل السلطة المحلية اعترف التازي أنه لا علاقة له بالعمل الاجتماعي وأنه لا يتحرك إلا إذا طُلبت منه ذلك السلطة.