تخطئ الدولة المغربية حين تعتقد أننا جميعا سواسية أمام القانون، وتنسى أحيانا أن البعض منا له امتياز واحد أو امتيازات عدة تمنحه حقوقا أخرى ليست لعموم الناس.
من هؤلاء ثري ثوري لطيف للغاية إسمه كريم التازي، اشتهر في البداية ببيع البونج وأفرشة النوم للراغبين في ذلك. بعد الحراك العربي، أو لنقل أثناء الإعداد لهذا الوهم الخطير اشتهر أنه الأكثر عطفا على شباب الحراك.
كان التائه فيهم يقول إن يد التازي هي العليا وأنها خير من السفلى وأنها تمتد دائما إلى حيث يجب لكي تمنح الحراك أسباب البقاء. مافي الأمر ضير، وليس فيه أي إشكال. من حق الأثرياء في بلدي أن يكونوا ثوارا وأن يدعموا الثورات وأن يحلموا في القابل من الأيام بالمناصب الناجمة عن هاته الثورات
سوى أن الثورة لم تقع في البلد، بعد أن اتضح أن الحراك كان تحريكا، وأن أيادي أجنبية عديدة لعبت لعبتها من أجل فوضاها الخلاقة التي انهارت فور البدء في بلدان أخري شاهد المغاربة كم الدمار فيها، ففروا من الثوار الأثرياء وقرروا أن يواصلوا إصلاحهم التدريجي الهادئ عوض أن يدخلوا دوامة العنف والقتل والتدمير التي ابتلي بها الآخرون
هنا انسحب الثري الثوري من الساحة، واكتفى بصوت هولندي هنا يقول عبره بعض الأشياء، أو بمنبر ينشر له رحلات يخته من أقصى العالم إلى أقصى العالم في انتظار شيء ما جديد يرفه به عن نفسه لأن عادة الأثرياء هي أنهم يملون بسرعة ويبحثون دائما عن التنويع
في شهر الصيام والقيام هذا الذي يحترمه المغاربة قاطبة، ويمارسونه قاطبة، باستثناء قلة منهم ترفع شعار “ماصايمينش” ويرفضها الناس على كل حال، قرر الثري الثوري أن يصبح منظم حفلات.
هكذا وعلى حين غرة مثلما يقول المأثور المبتذل، فتح قاعة لا تتوفر على شروط استقبال قانونية للجمهور، وحرك جمعية لا تتوفر على وصل قانوني مكتمل وعلى تجديد للنصاب ولا على أي شكل من أشكال الوجود، وقرر فوق كل هذا على سبيل حبة الكرز التي توضع فوق كعكات الأثرياء ألا يطلب أي ترخيص، فمن كان إسمه كريم وشهرته الثورة والثروة لا يطلب التراخيص ولا يسري عليه مايسري على بقية الخلق
للأسف أو لحسن الحظ سهرة السباب والشتم التي كانت مقررة الجمعة، والتي كان سيحييها شبل كريم وموهبته المكتشفة المعروف بالحاقد لم تنل الترخيص لأنها لم تتقدم بطلبه، والثري الثوري سيجد نفسه ملزما بالمرور من مسار آخر إذا كان مصرا على مسألة تنظيم الحفلات هاته.
قد يتقدم المرة المقبلة بطلب كامل مكتمل، متكامل. قد يختار جيدا طبقه الفني لئلا يجد نفسه ملزما بتفسير هذا الاختيار غير الراقي كثيرا المسمى الحاقد، وقد يصبح مثل بقية “عباد الله الصالحين” ممن يصومون ويصلون وينظمون الأنشطة وفق التراخيص اللازمة لها، “بحال أيها الناس تقريبا”
لكن منذ متى كان كريم التازي مثل أيها الناس أيها المتتبعون؟
المصطفى الإسماعيلي.