ما زال الدعم الذي أعلنه رئيس أركان الجيش الجزائري للأمين العام لحزب جبهة التحرير الحاكم، يثير ردود فعل لدى المعارضة وفي الصحف الصادرة أول أمس الأربعاء، التي تتخوف من عودة نظام الحزب الواحد الذي اختفى منذ 1989. المقالة التالية تتطرق للمشهد السياسي في الجزائر في ضوء رسالتي بوتفليقة وقائد الأركان. اعتبرت صحيفة الوطن الجزائرية أن رسالة نائب وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح للأمين العام لحزب جبهة التحرير الحاكم عمار سعداني بمناسبة إعادة انتخابه تشير إلى "محاولة العودة إلى ديكتاتورية الحزب الواحد". ولاحظت صحيفة "ليبرتي" أن الرسالة جاءت "في وقت نشهد فيه عملية حقيقية لإعادة الحزب الواحد" في بلد تنشط فيه عشرات الأحزاب. ويشير نظام الحزب الواحد إلى فترة حكم حزب جبهة التحرير الوطني للبلاد بمفرده بين 1962 و1989، تاريخ ولادة دستور جديد يفسح المجال لإنشاء الأحزاب السياسية. ووصف علي بن فليس المرشح الخاسر في انتخابات الرئاسة أمام بوتفليقة، رسالة رئيس الأركان بأنها خطأ "أخلاقي وسياسي ودستوري". بن فليس: رسالة بوتفليقة قد تخل بتماسك الجيش! وبحسب بن فليس، رئيس الحكومة الأسبق، فإن "أخطر ما تتضمنه هذه الرسالة هو أنها تحمل في طياتها ما من شأنه أن يخل بتماسك قواتنا المسلحة" ويورطها "في ميدان التنافس السياسي الذي لا يعنيها أصلا وهو الميدان الذي يخل بقواعده وضوابطه إدخال الجيش الوطني الشعبي فيه بصفة غير قابلة للتبرير". وينتظر أن يعقد بن فليس مؤتمر حزبه الجديد "طلائع الحريات" في نهاية الأسبوع، وهو الذي قاد حزب جبهة التحرير في بداية سنوات 2000 قبل أن تتم إزاحته بسبب ترشحه ضد بوتفليقة في 2004. ومن الناحية العملية لا الرسمية، لا يتدخل الجيش الجزائري، أحد أكبر الجيوش في إفريقيا والعالم العربي، في الشؤون السياسية منذ 1989 إثر ثورة شعبية أدت إلى تغيير النظام السياسي من الحزب الواحد إلى التعددية السياسية. وكان ضباط الجيش في الفترة السابقة أعضاء في قيادة حزب جبهة التحرير الذي قاد حرب التحرير بين 1954 و1962. المعادلة الصعبة: الرئيس وحقيبة الدفاع! لكن المؤسسة العسكرية لم تكف أبدا عن أداء دور سياسي مهم خصوصا في اختيار رئيس الدولة الذي هو القائد الأعلى للقوات المسلحة. كما أن بوتفليقة احتفظ بحقيبة الدفاع. والجيش هو الذي طالب بوتفليقة الضابط في جيش التحرير، بالترشح في انتخابات 1999 عقب قرار الجنرال اليامين زروال الانسحاب من الرئاسة وعدم إكمال ولايته. ويحذر بن فليس من أن رسالة الفريق قايد صالح إلى عمار سعداني وكلاهما من أشد المدافعين عن بوتفليقة، "جزء من استراتيجية يتم الإعداد لها من طرف النظام السياسي المفروض على بلادنا الذي بات لا يرى مخرجا له من الطريق المسدود الذي آل إليه سوى في إعادة استنساخه" في إشارة للتحضير لما بعد بوتفليقة. ويعاني بوتفليقة منذ أبريل 2013 من مرض أقعده على كرسي متحرك لكن ذلك لم يمنع إعادة انتخابه لولاية رابعة تنتهي في 2019. وأصبحت مسألة خلافته حديث الطبقة السياسية والشارع الجزائري. الحرية والعدالة: رسالة رئيس الأركان سياسية! وبالنسبة إلى رئيس حزب الحرية والعدالة المعارض، محمد السعيد، فإن رسالة رئيس الأركان "تتخطى طابع البروتوكول نحو الرسالة السياسية التي تتضمن موقفا وتأمر بتوجه محدد" بالنسبة للقوات المسلحة. وفي الجهة المقابلة، انتقدت صحيفة "لوكوتيديان دورون" "صراخ الغضب" للأحزاب "التي كانت ستفرح بلا أدنى شك لو أن قايد صالح أقحم الجيش في مخططاتها". لكن الصحيفة سجلت رغم ذلك أن قائد الجيش "عبر بشكل واضح عن دعمه لمحيط الرئيس الذي خطط وأوصل سعداني إلى قيادة جبهة التحرير". وولد سعداني النقابي في 1950 بتونس، دخل المجال السياسي متأخرا، بانتخابه نائبا في المجلس الشعبي الوطني في 1997 ثم في 2002 قبل أن يصبح رئيس المجلس في 2004 بعد استقالة كريم يونس الذي عارض ترشح بوتفليقة لولاية ثانية. وبرز اسم سعداني في فبراير 2014 عندما طالب مدير المخابرات والرجل القوي في السلطة الفريق محمد مدين (معروف بالجنرال توفيق) بالاستقالة، متهما إياه بـ "التقصير" في مهمات حماية البلد والتدخل في كل مفاصل الدولة.
النهار المغربية