مع توالي الأحداث والوقائع واتساع دائرة المؤشرات تبين أن تسريب بعض اختبارات الباكالوريا ليس موضوعا منعزلا لتلاميذ ولكنه مؤامرة كبرى، عنوانها رأس وزير التربية الوطنية وجوهرها ضرب العملية التعليمية برمتها، والقضاء على سمعة الشهادات المغربية وقتل المواهب الدراسية التي تحتضنها الجامعات والمعاهد الدولية. لا يمكن لعاقل أن يستوعب أن التسريبات مصدرها تلاميذ، خصوصا بعد الإجراءات الاحترازية، التي اتخذتها الوزارة ضد الغشاشين، وقد تم إصدار قرارات تأديبية كثيرة، السنة الماضية، في حقهم وفي حق بعض الأساتذة، كما تم تقديم بعض منهم للمحكمة، كما لا يتصور وقوع تسريب من قبل التلاميذ بعد الاحتياطات التي قامت بها الوزارة التي تزودت بمعدات تقنية، كما تساهم وزارة الداخلية بشكل كبير في ضبط عملية التسريب ومحاربتها. لكن هناك مؤشرات قوية على أن عملية تسريب اختبارات الباكالوريا مؤامرة كبرى، وأول هذه المؤشرات أن التسريبات، التي تمت عبر الفايسبوك وبصفحات متخصصة وعبر الواتساب، خرجت للوجود ساعات قبل موعد الامتحان بما يؤدي إلى خلاصة مفادها أنها أكبر من التلاميذ، وأنه تقف وراءها جهة لها أهداف خاصة ومحددة. ثاني هذه المؤشرات هو أنه بعد منتصف نهار أول أمس الأربعاء ظهرت صفحات فايسبوكية، معروفة الانتماء وهي عبارة عن كتائب للخدمة الناجزة، تطالب برأس وزير التربية رشيد بلمختار، وتطالب باستقالته فورا بل دعت إلى تكوين تنسيقية في هذا الشأن وتنظيم وقفات احتجاجية أمام الوزارة حتى يرحل الوزير. وثالثها أن مطلب الاستقالة ليس بجديد، وإنما وجدت الكتائب الفرصة مواتية لتجديده، حيث إنه قبيل موعد الامتحانات خرج من يقول إن ملفات ثقيلة بوزارة التعليم سيتم فتحها ومحاسبة المتسببين فيها، ويقف وراءها أيضا صفحات الكتائب الفايسبوكية. ورابعها أن بلمختار يتوزع خصومه على كثير من التيارات السياسية والنقابية، سواء المتضررون من توجهه بخصوص التعليم ولغته أو المتضررون من بعض الإجراءات الصارمة التي شرع في تطبيقها. ودون أن ننسى مع ذلك الطريقة التي تعاملت بها منابر إعلامية معروفة الانتماء مع موضوع التسريبات، والتي اتجهت كلها لتحميل الوزير المسؤولية، نعم إن الوزير يتحمل المسؤولية باعتباره المسؤول الأول عن الوزارة، لكن هذا لا يعفي من ضبط صاحب المسؤولية الحقيقية والفعلية. نعتقد أن موضوع التسريبات موضوع سياسي أكبر منه موضوع تقني، فهناك جهات تهدف إلى قطع رأس الوزير لاعتبارات إيديولوجية وأخرى إدارية، والتقى هذا على ذاك من أجل توجيه الضربة القاضية، حتى لو تطلب الأمر أن يكون السلاح مدمرا متعلقا بأبناء المغاربة الذين سيعانون حتى مع إعادة الامتحان، حيث لن يجتازه المتفوقون بسهولة نظرا للتأثيرات النفسية التي خلفتها التسريبات. ولا يمكن أيضا تعليق أستاذ أو أستاذة ككبش فداء لهذه العملية الكبيرة، ولكن ينبغي فتح تحقيق دقيق تتدخل فيه الجهات المعنية ومعرفة مصدر الصفحات التي تقوم بالتسريب وما علاقتها بالصفحات الداعية لاستقالة الوزير ومن يحركها ويمولها ويقف وراءها، لأن الأمر يتعلق بمؤامرة كبرى.