عاش المغرب خلال الشهر الماضي وجزء من الشهر الجاري، هجومات متواصلة من قبل الحداثيين المتوحشين (الذين لا يقبلون الآخر) والإسلاميين المتطرفين، واختلطت هذه الهجومات بعضها ببعض، وتداخلت بشكل غريب وتزامنت وتجاورت حتى اختلطت الأوراق، وأصبح عسيرا على المواطن فهم ما جرى ويجري وأصبح صعبا على الرأي العام تبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود. إذا أمعنا النظر في الهجومات التي تعرض لها المغرب، وتصدى لها بقوة وبحكمة، نعرف أنها لم تكن محض صدفة، وإنما كانت بإرادة ممنهجة وعملت عليها أطراف داخلية وخارجية، من أجل النيل من المغرب وسمعته ونيل أهدافها. وإن كنا لا نريد أن نكشف جميع الأوراق المتوفرة لدينا فعلى الأقل ننبه إلى خطورة ما يجري، وخطورة ما يواجهه المغرب من مخططات غريبة تحاول تصفية هويته وحضارته وثقافته وتاريخه، وهي هجومات يلتقي فيها الخصوم، أي الإسلاميون المتطرفون، الذين يستوردون عقائدهم من الشرق، والحداثيون المتوحشون، الذين يستوردون أفكارهم من الغرب، والهدف واحد. ولا يمكن اعتبار خروج عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة والأمين العام للعدالة والتنمية، مجرد لقاء مع قناة تلفزية، خصوصا أن الذي أجراه هو الإعلامي المنتمي للإخوان المسلمين أحمد منصور وعلى قناة الجزيرة، المنظومة السياسية المكلفة بخلق الفتنة والفوضى في العالم العربي وبرعاية الربيع العربي برسم الإسلام السياسي والحركات التكفيرية. ويضاف إلى هذا الخروج الإعلامي المريب، الذي سوق فيه بنكيران لعدم مسؤوليته عما يقع في المغرب، وعن الفشل في تدبير الشأن العام، حاول تنظيم ندوة من خلال صحيفة معروفة بارتباطاتها المشبوهة مع القطريين واستدعاء عراب الفوضى في العالم العربي عزمي بشارة، إلا أن إرادة المغرب القوية أفشلت هذه المحاولة الفاشلة، التي تبدأ بمدح المغرب وتنتهي بقدحه والنيل منه وتأليب الرأي العام عليه، وتم إفراغ هذا الهجوم من محتواه. وجاء بعد ذلك الهجوم الممنهج على مهرجان موازين، وتحويل الأنظار عن الحقائق وتحوير النقاش إلى القشور بدل الجوهر، والاهتمام بسيقان فنانة بدل الاهتمام بمحاولة وضع المغرب داخل عنق الزجاجة والعودة به إلى قرون خلت، وتحويل سهرة فنية إلى صراع ديني وثقافي، وتزامن ذلك مع هجوم للشواذ من قبل حركة فيمن فرنسا، التي حاولت تدنيس ساحة صومعة حسان. وقبل هذا وذاك نزل عبر المواقع الاجتماعية فيلم الزين اللي فيك، الذي لا علاقة له بالعمل السينمائي، حيث صور لقطات جنسية كاملة لا تظهر إلا في الأفلام البورنوغرافية ولا تخدم الشكل الدرامي للفيلم، والهدف منه هو استفزاز المشاهد، وتصوير المغرب كماخور كبير. وفي خضم الصراع حول القيم، والهجوم الذي سنته قيم السلفية الأصولية المتخلفة وقيم الحداثة المتوحشة على القيم المغربية الأصيلة، قام قيادي في العدالة والتنمية بعمل استفزازي خطير، ويتعلق الأمر بإقدام عبد العزيز أفتاتي، البرلماني المشاكس في العدالة والتنمية، باقتحام منطقة عسكرية ممنوعة على المدنيين، مقدما نفسه على أنه مبعوث من رئيس الحكومة وفي وقت يوجد فيه جلالة الملك القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية ورئيس أركان الحرب العامة خارج البلاد. كل ما جرى ويجري ليس بريئا ولكن الهدف منه خلط الأوراق، حتى تجتمع لتخرج منها ورقة واحدة وهي ورقة التصويت التي تذهب لحساب العدالة والتنمية، كما أن الحزب الإسلامي نجح من كل هذا اللغط في التغطية على فضيحة الكوبل الحكومي التي تم نسيانها بشكل كامل، وقد شكلت لبنكيران وخزا.
النهار المغربية