ليس مشكلا أن تسرق مقالا. حين تقرأ لإنسان يكتب بفرنسية قد تفهمها وقد لا تفهمها، وحين تعتبر أنه قال أمورا تستحق أن تصل إلى قرائك الذين لا يطلعون على الفرنسية من حقك أن تترجم المقال وأن تنشره.
ليس مشكلا أن يتوقف قلمك عن السيلان يوما وأن تصاب بعطب عدم القدرة على إتيان الفعل الذي أنت أصلا مسخر ومسير له فتلجأ إلى الاقتراض.
لابد من قول هذا، وحين أرى البعض في الأنترنيت يشن الحملات على بعض الكتبة لأنهم سرقوا مقالا مرة أو اختلسوا جملة مرتين أو لم يجدوا مايكملوا به المعاش الشهري، فنظموا لقاء أو مايشبه ذلك لا أفهم حقا سبب التحامل وأقول إننا في هذا البلد «سالينا ريوسنا حقا».
ومع ذلك دعونا نذكر الجميع أن السرقة حرام أولا وأمر غير طيب ثانيا. وأسوأ من سرقة مقالات الآخرين ونسبتها إلى نفسك سرقة أحلام الوطن في أن يكون تابعا لنفسه لا لأي جهة من الجهات.
أسوأ فعلا من سرقة مقال لمفكر عجوز لم يعد بلده ينصت إليه، بعد أن تقلب في كل المسؤوليات ومنح الاستشارة لمن يريد ولمن لا يريد ذلك أن تسرق شعبك وقراءك وأنت تبيع لهم يوميا عكس ماتؤمن به من أفكار. أن تدعي النزاهة والديمقراطية والنظافة وأنت تقطن في حاوية للقمامة تنتقل بك يوميا من البيضاء إلى الرباط إلى الدوحة إلى مدريد ثم تعود بك في نهاية المطاف إلى المكان نفسه.
لذلك لم أكترث بعشرات الرسائل التي وصلت بريدي تقول لي إن صحافيا جديدا ضبط وهو يسرق مقالات غيره ويوقعها باسمه ويمضي.
أصلا لم يعد شيء يفاجئي في المهنة، وأصبحت أتوقع منها يوميا كل أنواع الكوارث ما ظهر منها وما بطن، وأتمنى فقط ألا يصدق تشاؤمي تجاهها وأن أجدني رفقة بقية الزملاء والزميلات في المواقع والمنابر والصحف والمجلات نكتب يوما ما أمرا نحال بموجبه جميعا على «بويا عمر» دون أي استثناء.
ليس مهما أن تسرق مقالا حقا. هذه ملحوظة لا علاقة لها بماسبق. الأخطر أن تسرق بلدك وأن تبتسم بوقاحة محدقا في وجوه الناس، وشاتما من يدافعون عن البلد فقط لأنهم يحبون وينتمون حقا لهذا البلد.
هذا هو أسوأ ما في الموضوع ككل.
المختار لغزيوي.