تاه حكام الجزائر بين إيجاد بدائل اقتصادية واقعية لسد العجز المالي المهول الناجم عن تدني الأسعار الدولية للبترول التي تاثر بها الاقتصاد الجزائري المعتمد على المحروقات وبين إقناع الشعب الجزائري بإمكانية تجاوز الأزمة الخانقة ولو بالكذب تارة، وتارة أخرى باختلاق أحلام ليس لها من وجود ولن تكون إلا مجرد أضغاث. فتراجع أسعار البترول من 125 إلى 50 دولارا للبرميل حد بشكل ملحوظ من تدفق مداخيل الجزائرالتي تعتمد في أقتصادها بشكل كبير على عائدات المحروقات من غاز وبترول، التي تشكل 60 في المئة من ميزانيتها وحوالي 98 في المئة من عائدات الصادراتـ، ولم يجد الجنرالات ما يقدمون او يؤخرون أمام الشعب الذي أنهكه الفقر والهشاشة والبطالة والقمع ولم يعد بمقدوره التحمل. لقد انتهت خرافة دولة اسمها جزائر الغاز والبترول وصارت في الطريق إلى الانهيار ومع ذلك مازال الحكام يمنون النفس بأن الانخفاض العام للأسعار الدولية المتعلقة بالنفط لن يكون إلا أزمة عابرة محاولين إقناع أنفسهم وإقناع الشعب الجزائري بالأوهام، مشددين على أن انخفاض سعر برميل البترول لن يستمر إلا لفترة قصيرة. ذلك ما كتبته الزميلة "لوموند" في عددها ليوم الجمعة تحت عنوان "نهاية البترول الباهظ تهز الجزائر"، تستهزئ من السلطات الجزائرية، التي ذهبت اقتناعا واهما منها بأن انخفاض سعر برميل البترول لن يستمر إلا لفترة قصيرة.. ومهما حلم جنرالات الجزائر بالأزمة العابرة ومهما حاولوا الإقناع الكاذب لإبطال مفعول ثورة شعبية عارمة منتظرة، فإن الواقع يكذب كل أطروحاتهم المبنية على الوهم و"المسكّنات"، ذلك أن الدولة وفي سابقة أولى لها لجأت في سرية تامة إلى الاحتياطيات الوطنية لمواجهة الأزمة، خاصة احتياطيات الصرف وصندوق ضبط الموارد التي نفدت بشكل سريع، وهو الشيء الذي ركزت عليه الصحيفة وهي توصي حكام الجزائر بضرورة إيجاد بديل لموارد تعرف تراجعا كبيرا، في وقت تعرف فيه فاتورة الواردات ارتفاعا غير مسبوق، وهو الارتفاع الذي بلغ سنة 2014 إلى حوالي 60 مليار دولار، في وقت تنبأت فيه مصادر مطلعة بأن هذا الارتفاع يكون قد بلغ حدا لا يطاق في الأشهر الأربعة الأولى من السنة الجارية 2015. وعلى الرغم من أن الدولة حاولت عبثا اتخاذ إجراءات لتقليص الواردات ووقف الأوراش الكبرى للبنيات التحتية أو تشجيع الاستهلاك المحلي خلال الأشهر الأخيرة، فإنها فشلت في سياسة فرض إعانات المواد الغذائية والبنزين على الخصوص، بهدف تأمين نسبة مائوية من السلم الاجتماعي، وهي السياسة التي كلفت النظام الجزائري كثيرا من المقابل لا يقل عن ربع الناتج الداخلي الخام، كما ذهبت إلى ذلك "لوموند".. "لوموند" في تحليلها للوضعية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، أكدت أن بلاد "المليون شهيد" غارقة في الشلل السياسي، مذكرة بأنه في ظرف سنة انعقدت فقط خمسة مجالس للوزراء إلى جانب نشاط تشريعي محدود جدا، الشيء الذي يؤكده علي بنفليس، أحد قادة المعارضة والمرشح الخاسر خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة، بالقول "قضينا سنة بيضاء بالنسبة للدولة والمجتمع الجزائري. الانتخابات تجرى لحل المشاكل. لكن لم تحل أية أزمة في حين توجد البلاد في مأزق سياسي واقتصادي واجتماعي". وأمام هذا الشلل، تم التأكيد على أن الجزائر واجهت سنة 2014 حركات احتجاجية غير مسبوقة، ومنها احتجاجات المئات من رجال الأمن كانوا قد تظاهروا في شتنبر الماضي أمام رئاسة الجمهورية للتنديد بظروف عملهم، بالإضافة إلى احتجاجات الحرس البلدي الذين دخلوا في سياسة لشد الحبل مع السلطات للحصول على اعتراف بحقوقهم والاحتجاج على استغلال الغاز الصخري بعين صالح جنوب البلاد، الذي خلق اضطرابا لمدة شهر في منطقة تعرف بهدوئها.