تداولت مجلة " l’OBS " الفرنسية في عددها الصادر بتاريخ 21 ماي الجاري ما سمته الأزمة المغربية الفرنسية على خلفية توجه جيش من رجال الأمن الفرنسي إلا مقر إقامة سفير المغرب بباريس، من أجل تبليغ استدعاء حول شكاية تتعلق بتعذيب مزعوم من دون أدنى اعتبار للأعراف والقنوات الدبلوماسية، وعلى نحو يحمل في طياته الكثير من الاستفزاز.
ولأن هذا الفعل لم يكن بريئا، ويكشف عن سوء النية، فقد قرر المغرب تعليق اتفاقية التعاون القضائي بين البلدين، ما جعل العلاقات بينهما تدخل في فترة توتر وجمود لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلا.
ولم يخرج عن نسق المقالات التي تعج باللغط والإشاعة والافتراءات الكاذبة والتحامل المجاني الذي واكب التغطية الإعلامية لهذه القضية.
وبالعودة قليلا إلى صلب هذه الأزمة، فمن المتعارف عليه في بلد كفرنسا أن الأجهزة القضائية تعمل وفق قواعد عمل لا تقبل بالعشوائية، الأمر نفسه ينطبق على السلطة الرابعة، ولكن ماذا حدث هذه المرة حتى تفقد المنظومة الفرنسية منطقها، وترتكب حماقة يمكن أن تدرس في معاهد العلوم السياسية كمثال على الارتجالية والتخبط المجاني في مستنقع التجني؟ الجواب لا يكمن في المغرب حتما، بل في فرنسا نفسها التي ارتفعت فيها أصوات العقل، من داخل الهيئات القضائية والقانونية، منددة بهذا التحامل المجاني على المغرب دولة ومؤسسات، كل ذلك من أجل سواد عيون حفنة من ذوي السوابق القضائية والوصوليين، الذين خبروا كيفية استغلال أحقاد بعض الأوساط الجمعوية والسياسية الفرنسية للانتقام من المغرب.
عموما لم يحمل ملف المجلة الفرنسية حول الموضوع أي جديد يذكر، فعدم وجود المدير العام لمراقبة التراب الوطني في فرنسا خلال فترة توجيه الاستدعاء لم تعد أمرا محل اختلاف، أما بخصوص إتلاف السلطات الفرنسية لمعطيات شرطة الحدود من أجل إخفاء هذا التواجد فهو العبث بعينه، فالكل يعرف أنه بفعل نظام الحدود الأوربية المفتوحة، فالمعطيات الخاصة بولوج التراب الوطني ليست حكرا على السلطات الفرنسية، بل هي متوفرة لكل أجهزة مراقبة الحدود الأوروبية ولا يمكن بأي حال من الأحول التصرف فيها بشكل منفرد.
أما بخصوص القضايا التي شكلت شرارة بداية هذه الأزمة، وهي تلك التي تتعلق بشكايات سبق وأن تقدم بها أمام القضاء الباريسي كل من عادل المطالسي، زكرياء المومني، والنعمة أسفاري حول تعرضهم للتعذيب على يد "أجهزة المخابرات المغربية"، فينبغي التأكيد على أن الأول تاجر مخدرات أدين من أجل ترويج هذه السموم على المستوى الدولي، والثاني محتال نصاب أدين قضائيا في قضايا تتعلق بالهجرة السرية، أما الثالث فقد أدين على خلفية تورطه في جرائم القتل الوحشي التي ذهب ضحيتها 11 من أفراد القوة العمومية العزل من السلاح الناري إبان تفكيك مخيم اكديم إزيك، وهي التي شاهد العالم أجمع بشاعتها ودمويتها. فأن يأخذ القضاء الفرنسي بتصريحات هذه الشرذمة من ذوي السوابق دليل على خلل ما على اعتبار أن فرنسا ترتبط منذ عشرات السنين باتفاقية تعاون قضائي مع المغرب، وهي الاتفاقية التي من المفروض أن تجعل كل طرف على بينة بالأطر القانونية والحقوقية التي تحكم عمل الطرف الثاني، وبالتالي على اطلاع بمدى احترام حقوق المحاكمة العادلة.
إن جواب هيئة دفاع المملكة المغربية حول ادعاءات الضحايا المفترضين، هو خير رد على الحملة الدعائية المغرضة التي انخرطت فيه جريدة لوبسيرفاتور، والتي ضاعت منها الحقيقة والسبق الصحفي، واحتفظت فقط بالإشاعة والتطبيل لبعض الجهات المناوئة للمغرب.