خلال مشاركته في ندوة بالرباط، كال عزمي بشارة مستشار أمير قطر الشيخ تميم، المديح للمغرب، واعتبره نموذجا في التحولات الديمقراطية، وهو كلام لم يكن منتظرا من عراب الخريف العربي وقائد البروباغندا، التي أسست للفوضى في العالم العربي والقتل والتدمير. في الواقع لم نكن نريد الدخول في هذا الموضوع، فمن حق من كان أن يستدعي من كان للتداول حول قضايا المغرب، ومن حق عزمي بشارة أن يدخل المغرب مادام غير ممنوع من دخوله أو شخصا غير مرعوب به، لكن سارت الطبيعة أن يحتج السياسيون والمثقفون والإعلاميون على وجود أي شخص يعتبر حضوره في غير محله، مثل حضور الصهيوني عوفير برونشتاين مؤتمر العدالة والتنمية، ومثل الإعلان عن حضور شيمون بيريز لمؤتمر بمراكش نظمته مؤسسة كلينتون. فمن حق بعض النخب أن تحتج على حضور عزمي بشارة، مثلما أن هناك من يرحب به، وما قاله في حق المغرب ليس حجة للمرحبين به إذا تم وضعه في سياقه الطبيعي، فعزمي بشارة ينتمي لمدرسة إنجليزية أمريكية بأدوات قطرية، تعمل على النفخ في الخصم تحت عنوان الصديق أو الموضوعية وكلما انتفخ تم ضربه كي يسهل القضاء عليه. لقد جاءت قناة الجزيرة القطرية في سياق محدد ومضبوط، وأشرفت مكاتب دراسات أمريكية وإنجليزية على إمكانات تطوير الدولة الصغيرة كي تصبح كبيرة في العالم وفاعلة في الجيوبوليتيك. ومباشرة بعد الانقلاب الأميري سنة 1995 تم وضع الخطة المذكورة، وكان على رأسها إحداث قناة فضائية تتبنى الموضوعية كي تهيئ الرأي العام العربي للقادم من الأيام. نقول إن مديح بشارة لا بشارة فيه بل فيه نذارة ليس رجما بالغيب ولكن بناء على سابق عمله واشتغاله وفق منظومة الجزيرة، فقد عملت هذه القناة على الرفع من حزب الله حد القداسة، وكانت مدافعة عن النظام السوري، وكل ذلك تمهيدا للحرب التي جاءت من بعد، حيث انقلبت عليهم، رغم أنه لا شيء تغير، ولكن كي يصدقها الذين لا يدركون حجم الصناعة في الثورات العربية. ماذا سيقول المشاهد العربي الذي رأى الجزيرة ومن خلفها عزمي بشارة وهي تسمي حسن نصر الله سيد المقاومة تم تعود لتسمي زعيم حزب اللات وفق تسمية الشيخ يوسف القرضاوي؟ حتما سيعتبر ذلك موضوعية وأنه حدث ما يدعو إلى تغيير الموقف. فمديح عزمي بشارة للمغرب سنة 2015 قد يتحول إلى قدح سنة 2016 لغرض في نفس الدولة القائدة للتآمر العربي وتفتيت دوله وفق منهجية خبيثة. من جهة أخرى نرى أن عزمي بشارة ليس مؤهلا للحكم على المغرب وتنقيط مساره الديمقراطي، لسبب بسيط ووجيه كما نراه، لأن عزمي بشارة يشتغل لدى دولة ليت فيها بلديات والديمقراطية عندها من عجائب الدنيا وما زالت تعيش على نظام الكفيل الذي هو نوع من أنواع العبودية. يقلقنا حضور عزمي بشارة ليس لأنه بإمكانه صناعة الحدث، ولكن لأنه هو صناعة تمت تسويتها بدقة في إطار صفقة قطرية إسرائيلية وتم الشروع في تلميع صورتها منذ مدة ودخل من باب القومية العربية ليكون في النهاية أحد اشد المناهضين لها، وهذه الصناعة مهمتها زراعة الشر في العالم العربي. ويكفي في عزمي بشارة ما قاله ابن بلده عادل سمارة، وهو صديقه سابقا، والذي تتبع مساره من الحزب الشيوعي وصولا إلى قطر مرورا بالعديد من التحولات التي جعلت منه موظفا لدى صناع الفتنة.
النهار المغربية.