شكلت معاناة المغاربة ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر محور لقاء احتضنته مدرسة الاقتصاد بلندن "لندن سكول أف إكنوميكس" مساء أمس الجمعة، بمبادرة من مجلس الجالية المغربية بالخارج.
وشكل اللقاء، المنظم تحت شعار "لنفكر في المنسيين.."، مناسبة لمساءلة الذاكرة وتحسيس الرأي العام البريطاني، والطلبة والمثقفين وكذا الجيل الصاعد من الجالية المغربية المقيمة بانجلترا، بالمعاناة التي عاشتها أزيد من 45 ألف أسرة مغربية تم ترحيلها من الجزائر سنة 1975.
هذه الأسر، التي كانت مستقرة بالجزائر منذ عقود طويلة بشكل قانوني، تم طردها من البلد الذي كانت تعتبره بلدها. وقد تم هذا الطرد، حسب الشهادات التي تم تقديمها خلال هذه الندوة، بشكل وحشي وتعسفي ولا إنساني في حق أزيد من 300 ألف مغربي، تم اقتيادهم بشكل قسري إلى مراكز الاعتقال بالجزائر حيث قضوا أزيد من شهرين قبل أن يتم ترحيلهم نحو المغرب، تاركين وراءهم قسما من أسرهم وكافة ممتلكاتهم.
وحسب الصحافية البريطانية بجريدة "تايمز" اليومية، ليسا برينكوورث، التي شاركت في هذا اللقاء، فإن الأمر يتعلق بانتهاك صارخ لحقوق الإنسان، معبرة عن "صدمتها" للظروف اللا إنسانية لترحيل المواطنين المغاربة من الجزائر خلال اليوم العالمي للهجرة (18 دجنبر) وعيد الأضحى.
وأعربت السيدة بينكوورث، المتخصصة في صحافة التحقيق التي اشتغلت لفائدة العديد من الجرائد البريطانية، أيضا عن تعاطفها وتضامنها مع المغاربة المطرودين من الجزائر، مسلطة الضوء على الأضرار الجسدية والمعنوية التي تكبدوها والآثار التي ما تزال حاضرة في أذهانهم، ومتعهدة بالعمل للتعريف بتاريخ الحيف المرتكب في حق هؤلاء المغاربة.
من جهته، اغتنم محمد شرفاوي رئيس جمعية المغاربة المطرودين من الجزائر (أوروبا) المناسبة لتقديم كتابه "لا مارش نوار" (المسيرة السوداء)، الذي يقدم من خلاله للقارئ شهادة صادمة حول مأساة طالت آلاف الأسر المغربية المطرودة من الجزائر، عقب تنظيم المسيرة الخضراء في 6 نونبر 1975.
واعتبر شرفاوي، الذي يدافع عن قضية المرحلين من الجزائر لدى الهيئات الأوروبية ويطالب بالاعتذار والتعويض من الدولة الجزائرية، أن الأسر المطرودة أحست بالتعرض للخيانة بفعل أسباب سياسية، من قبل البلد التي ناضل أفرادها من أجله وضحوا بحياتهم لتحريره من ربقة الاستعمار، مضيفا أن هذا الطرد، الذي وصف بالترحيل، يعد الأول من نوعه في المنطقة.
وأشار إلى أن المؤلف، يعد واجبا نحو الذاكرة لأن غالبية المغاربة المطرودين من الجزائر بشكل جماعي ما زالوا يعانون من الصدمة ونادرا ما يتحدثون عن هذه المأساة.
من جهتها، أبرزت فتيحة سعيدي، عضو البرلمان البلجيكي فظاعة الاعتداءات المرتكبة في حق هذه الأسر المغربية، مذكرة بمقترح القرار الذي تقدمت به، إلى جانب أربعة من زملائها، لدى مجلس الشيوخ البلجيكي يطالب النواب بالتدخل لدى السلطات الجزائرية للمطالبة بتوضيحات بشأن الحيف المرتكب في حق المغاربة المطرودين من الجزائر.
وأوضحت أن مقترح القرار يشمل على العموم ثلاثة مطالب رئيسية للمنظمات غير الحكومية الممثلة لهؤلاء الضحايا، وتهم تسهيل التجمع العائلي وإعادة الممتلكات والتحقيق بشأن هذا الطرد التعسفي.
من جانبها، أبرزت سعاد تالسي، المناضلة الجمعوية بلندن وعضو مجلس الجالية المغربية بالخارج، أهمية هذا اللقاء وموضوعه، مؤكدة أن الهدف من هذا اللقاء يتمثل في تسليط الضوء على الأحداث المؤلمة التي طالت آلاف الأسر المغربية المطرودة من الجزائر.
وأضافت أن اللقاء يطمح أيضا لإطلاع شباب الجالية المغربية المقيمة بانجلترا على انتهاكات حقوق الإنسان التي تعرضت لها هذه الأسر التي تم تجريدها من ممتلكاتها وتدمير نفسيتها من خلال أفعال تهين الكرامة الإنسانية.
وهمت النقاشات الآثار المأساوية لهذا الترحيل التعسفي، مشددة على الجوانب الاجتماعية المرتبطة بهذه المأساة، إذ ركز المتدخلون على انتهاكات حقوق الأطفال والنساء المطرودين بشكل تعسفي من الجزائر، واصفين العمل الذي أقدمت عليه السلطات الجزائرية بغير المفهوم.