لن نفهم أبدا العقدة الجزائرية تجاه المغرب وإن أمضينا في البحث عن أسبابها العمر كله. الجمعة كانت ثلة من شباب البيضاء المغربية والآخرين الأقل شبابا رفقة الرجاء في ملعب 8 ماي بسطيف. مباراة في عصبة الأبطال الإفريقية. مباراة في الكرة لا أقل ولا أكثر، بين فريقين يتحدثان نفس اللغة، يدين أغلبية لاعبيهما بنفس الدين، وينتميان لنفس المكان.
ما رآه زملاؤنا الذين كانوا في عين المكان شيء عصي على الوصف بكل اختصار. منذ لحظة دخول الميدان وحتى لحظة الإخراج منه تحت حماية مشكوكة لقوى أمنية متواطئة حضر الضرب، والجرح، والاعتداء، والكلام النابي، قبل أن يتوج رئيس وفاق سطيف وإسمه حسن حمار بالمناسبة، الكعكة الجزائرية غير اللذيذة نهائيا بحبة كرز رائعة قال فيها بالحرف “عطيو لليهود”، وهو يقصد الوفد المغربي المرافق للرجاء.
عندما حكى لنا المصريون منذ سنوات عن الأهوال التي عاشوها في البليدة في لقاء التأهل لكأس العالم 2010، ثم عادوا ليحكوا لنا عن أهوال أخرى أسوأ في أم درمان السودانية بمناسبة لقاء السد هناك، لم نصدق إلا القليل مما قيل لنا، وابتسمنا ونحن نردد “إخواننا المصريون يبالغون كالعادة لايمكن أن يكون الجزائريون وحوشا وهمجيين هكذا”
لكن الحقيقة التي أكدت نفسها مجددا يوم لقاء الرجاء وسطيف الجمعة، هي أن المصريين لم يكونوا يبالغون. هم قالوا لنا ما هو أقل من الحقيقة عن وحشية البعض في الجزائر، عن تجنيد عناصر عسكرية وإلباسها رداء مدنيا ووضعها بين الجمهور لكي تعتدي على مشجعي ومسؤولي وصحافيي الفريق الخصم، وعن كوارث أخرى إضافية عاشها زملاؤنا في الملعب ونحكيها بتفاصيل التفاصيل والصور في عدد الإثنين من “الأحداث المغربية”.
شيء واحد لن يقوله لنا أحد أبدا، عن سر دولة العسكر هاته التي تجعل من الكرة مناسبة لنفث حقدها تجاه الجميع، والتي تجعل من الفن مناسبة لنفث نفس الحقد، ومن الثقافة ومن الاقتصاد ومن الدين ومن كل مناحي الحياة، وسيلتها للبقاء فوق رقاب الجزائريين.
آسف على قولها، ولا تعتبروها ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق، بل هو إيماني العميق: هذا البلد ليس جارا.
هذا البلد بمسؤوليه الحاليين، مصيبة حقيقية، أعاذنا الله منه إلى آخر الأيام.
المختار لغزيوي.