|
|
|
|
|
أضيف في 10 أكتوبر 2011 الساعة 05 : 22
شريف وزاني / ترجمة: أنس الروداني وعبد الله أوسار
تمكنت مجلة «جون أفريك» الباريسية، من خلال مبعوثها الخاص إلى العاصمة الجزائر، من تجميع معلومات دقيقة حول كيفية دخول عائلة القذافي هربا عبر الحدود الجزائرية. وكذا حول حالهم في مقر إقامتهم المحروس بشدة بمنطقة «الأرز» بالعاصمة. وهي المعلومات التي نعيد نشرها هنا كاملة.
حدث الأمر عند النقطة الحدودية تهات، عند قدم مرتفع تاسيلي النجار، على بعد100 كلمتر من مدينة جانيت الجزائرية. ففي يوم 29 غشت، وبعد عشرين ساعة من التردد قررت صفية القذافي، الزوجة الثانية لملك ملوك إفريقيا وابنيها عائشة وهانيبال وعائلاتهما وسليفها محمد القذافي رفقة عدد من مرافقيهم، الدخول إلى الجزائر، حيث تم قبول دخولهم. بينما بقي معمر وسيف الإسلام والمعتصم في ليبيا. كانت المغامرة قد بدأت أسبوعا قبل ذلك يوم 21 غشت، أي يوم إعلان وقوع سيف الإسلام خطأ في الأسر أثناء معركة طرابلس. إسمه جمعة. إنه سائق آل القذافي منذ عشر سنوات. عمره 35 سنة ، ينحدر من سبها. وفي تهات، حين كان سادته يتفاوضون مع الجنرال ماجور الجزائري، عثمانية، رئيس الجهة الخامسة العسكرية بالجزائر التي تضم تمنراست، كان ذلك السائق يفتح صدره لجندي جزائري: «لقد اتخذ قرار الفرار منذ وصول الثوار إلى مداخل المدينة. في تلك الليلة ( ليلة 21 و 22 غشت) وبينما سيف الإسلام يتجول في الساحة الخضراء من أجل تكذيب خبر اعتقاله المعلن من قبل قناة الجزيرة، كانت العاصمة غارقة في ظلام دامس بينما لم تصب أي محطة حرارية لتوليد الكهرباء أثناء قصف حلف الناتو. لقد اتخذ قرار مغادرة باب العزيزية ..... في ذلك اليوم، غادر الجميع بمن فيهم «القائد»، حيث انطلقت المجموعة حوالي الساعة الثانية صباحا. وحسب ما كان واضحا، فإن الساعدي القذافي لم يكن ضمن المسافرين. إذا كان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لا يرد على القذافي عبر الهاتف منذ بضعة أسابيع، فإنه كان قبل ذلك قد أكد له أنه سيهتم بأهله في حال وقوع أمر سيء. لكن بشرط واحد: «لن أستطيع القيام بشيء بخصوص الأشخاص الملاحقين أو المتعرضين لعقوبات دولية». بتاريخ 21 غشت، حاول القذافي ثلاث مرات الاتصال ببوتفليقة: كان الساعدي مصرا على مرافقة والدته إلى الجزائر، لكن الرئيس ما كان يرد على الهاتف. حاول القذافي الاتصال بسفيره في العاصمة الجزائر، وهو من أبناء عمومته وأحد أبرز رجال الثقة لديه وأحد الدبلوماسيين القلائل الذين تربطهم قناة اتصال مباشرة بالرئيس الجزائري. شرح له الأوضاع، لكن بوتفليقة ظل مصرا على موقفه: «لا نقاش في الموضوع، الساعدي ممنوع دوليا من السفر بقرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة». ولقد دفع هذا الأمر الساعدي وبعض الجنرالات الليبيين إلى اتخاذ طريق أخرى تقود إلى النيجر وسهل دجادو. «كان أول عائق يتمثل في استعادة الأم، صفية. منذ مقتل أصغر أبنائها، سيف العرب، يوم فاتح ماي خلال قصف لقوات الناتو، قررت الأم البقاء إلى جانب الابن الذي أصبح في مرتبة الأصغر، خميس. وبحكم قيادته لقوات النخبة، كان هذا الأخير مستقرا في بني وليد، وللوصول إليه، كان لابد من العبور من طريق غير آمنة، أي أنه من الممكن مصادفة نقطة تفتيش تابعة للمقاتلين. أقسم بحياة أبنائي أن حاجزا للثوار أوقف السيارة، لكن تم السماح لها بالمرور بعد منحهم حقيبة تحتوي على مائتي ألف دولار». «بعد الوصول إلى بني وليد، توقف الموكب لبضع ساعات من أجل حمل نساء وأطفال بعض المرافقين، بمن فيهم صفية وبعض الأقارب. وانتظرنا حلول الظلام لننطلق من جديد. وكانت المرحلة الموالية تتمثل في التوجه إلى سبها التي قضينا فيها ليلتين رغم عدم توفر أية ضمانات. كما تم التخلي عن خيار التوجه إلى غدامس ودبدب لحساب تينالكوم وتهات البعيدة عن سبها من الناحية الجنوبية. لماذا إذن قضاء 48 ساعة في سبها؟ كان أمامنا مشكل آخر: احتمال السقوط وجها لوجه أمام السلفيين التابعين لتنظيم القاعدة. وتمت الاستعانة بخبرة أحد المهربين الطوارق المشهور بمعرفته الكبيرة للمنطقة وبعلاقاته المتعددة مع الجهاديين في منطقة الساحل. كان علينا انتظار قدومه. كانت تكلفة ذلك حوالي 100 ألف دولار وقضاء أربعة أيام إضافية في الطريق بسبب سلك طرق صحراوية تفاديا لأية مواجهة غير مرغوب فيها. كان الجميع يعاني من صراخ الأطفال والأزمات العصبية والقلق.» وصلت القافلة إلى وجهتها ليلة 27 ـ 28 غشت. وحظيت العائلة بمعاملة خاصة، أو على الأقل ما قد يضمن نوما مريحا في تهات ذات الطبيعة القاسية: بعض المقاعد البلاستيكية وأسرة خاصة بالخيام. وسرعان ما حل ضباط سامون والسلطات المدنية بمنطقة جنات بالمكان عبر طائرة مروحية. وفي نفس الوقت كان مطار بوفاريك بالشمال يعرف نشاطا كبيرا، حيث حطت بمدرجه طائرات شحن وطائرات هرقل (سي 130). إذا ما كان قرار استقبال عائلة القذافي قد تم اتخاذه، فإن إجراءات التحقق من هوية المرافقين والحرس والمستخدمين الصغار يتطلب الكثير من الوقت. من الناحية الدبلوماسية، أخطرت الجزائر بان كي مون ومجلس الأمن بالأمر، كما تم إعلام واشنطن بذلك. القاهرة يوم 28 غشت. القادة الدبلوماسيون بالجامعة العربية في اجتماع سري. محمود جبريل، الرجل الثاني داخل المجلس الوطني الانتقالي، يطلب لقاء مراد مدلسي. يقول قائد الدبلوماسية الجزائرية: «هذا أمر جيد، لدي خبر مهم لإطلاعكم عليه. لقد قرر بلدي اليوم استقبال بعض أفراد عائلة القذافي لأسباب إنسانية ». لكن دون أن يكشف له هوية أولئك اللاجئين «الخاصين». على بعد 2700 كيلومتر من القاهرة، كانت الجزائر تهيئ ظروف استقبال القذافي، بحيث تطلب تحديد هويات مرافقي القذافي المسلحين وقتا طويلا. وكانت عائشة القذافي حاملا في شهرها الثامن، حيث ساهمت كثرة الحركة وظروف السفر في التسريع بآلام المخاض، لكن لا شيء من ذلك غير من عناد العسكريين الجزائريين. ولقد فرضت الإجراءات الأمنية تقسيم الموكب إلى عدة دفعات. يقول الضابط: «حفاظا على سلامتهم، تلقينا تعليمات بعدم نقلهم في سياراتهم الليبية. وكان يتعين انتظار وصول سيارات الدفع الرباعي القادمة من جنات». لكن العائلة ترفض أن يتم تقسيمها. وقالت صفية القذافي: «سنموت معا.» تزايد آلام المخاض لدى عائشة سرع من وتيرة سير الأمور. وفي فجر يوم 29 غشت، سيتم نقل عائشة وصفية وخادماتهما عبر طائرة مروحية في اتجاه إحدى المصحات بجنات. وستنجب المحامية السابقة لصدام حسين طفلة ستطلق عليها، حسب ما يشاع، اسم «أمل جنات». وفي المقابل، تم نقل عائلة القذافي وأبنائه والعديد من أطفالهم الذين كانوا يرافقونهم وباقي أفراد البعثة عبر السيارات إلى القاعدة الجوية بجنات، حيث أقلتهم طائرة (سي 130) إلى بوفاريك. وستلتحق بهم عائشة وصفية بعد ثمان وأربعين ساعة، بعد توقف بالمستشفى العسكري بعين النعجة بضواحي الجزائر العاصمة، برفقة المولدة. وحسب بعض المصادر، فإن سيارات البعثة، والأسلحة التي كانت بها، ووسائل الاتصال المتطورة والذهب والأموال لم تكن مقبولة فوق التراب الجزائري. يقول أحد سكان جنات: «لم يسبق لمستخدمي مصحة الولادة التي وضعت فيها عائشة القذافي ،أن حصلوا على ذلك الكم من الدولارات كإكرامية، إذ توصلت ممرضة بما يعادل أجرتها لمدة سنتين ». كانت العائلة ومرافقيها (حوالي 60 نفرا أغلبهم نساء وأطفال، الذين ركبوا مغامرة المغادرة على طريق طرابلس ? تينالكوم)، قد تم تجميعهم يوم 31 غشت. لقد وضعوا في مجمع صغير يضم أربع فيلات بالمنطقة الأشد حراسة، التي يستحيل الولوج إليها من قبل الأجانب عن المكان، وهي منطقة نادي الأرز بالعاصمة. فهو مكان شديد الحراسة تراقبه وحدات من الدرك الجزائري التي تمنع أي تائه عن الوصول إليه من بعيد. وقليل هم الذين تمكنوا من مقابلة الضيوف الجدد. وحتى الجندي الذي نقل إلينا شهادة السائق جمعة واحد من هؤلاء القلة. لقد حكى لنا حالة الهاربين اللاجئين إلى الجزائر. «لقد اتضح لي أن محمد (المسؤول السابق عن قطاع الإتصالات في ليبيا) هو الأكثر توترا. بينما هانيبال هو الأكثر شرودا غير مبال، فيما زوجته اللبنانية ألين (كان اسمها قبل الزواج السكاف)، وهي ممثلة لبنانية سابقة، قد انهارت ودخلت في حالة اكتئاب. بينما صفية زوجة القدافي لا تتوقف عن البكاء. وحدها عائشة الواقفة الأكثر شجاعة وصلابة». ليس شاهدنا العسكري هذا وحده الذي وقع تحت جمال وقوة شخصية عائشة. لقد بدأت تتحول ابنة القدافي إلى شخصية مستقلة ترمز إلى مناهضة التدخل الغربي في ليبيا. لهذا فإن خطابها ليوم 25 شتنبر الماضي على القناة التفزية السورية الخاصة «الرأي»، الذي تطالب فيه بطرد الخونة وعملاء الحلف الأطلسي من طرابلس، قد أزعج كثيرا السلطات الجزائرية. وليس فقط أنها قامت بذلك في نفس يوم إعلان وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي من نيويورك الإعتراف بالمجلس الوطني الإنتقالي الليبي، بل إن خطابها ذلك قد أثار الرأي العام الجزائري كما يؤكد ديبلوماسي جزائري فضل عدم الكشف عن اسمه. لقد جعل الجزائريين ذلك في تحد أمام ماضيهم النضالي ضد القمع الخارجي. ويوم 28 شتنبر سيخبر مسؤال جزائري عائلة القدافي أن خطابا آخر منهم أو تحركا مشابها سيجعل الدولة الجزائرية تعيد النظر في موقفها من استضافتهم. وهو تهديد يؤكد ميلود إبراهيم، محام ومناضل حقوقي «من الصعب الإلتزام به لأن الفصل 68 من الدستور يجعل حق اللجوء مقدسا». علما أن اتفاقية جزائرية ? ليبية موقعة سنة 1995 تمنع كليا تسليم الأفراد بينهم لأسباب سياسية. بذلك فإن عائشة وأفراد عائلتها هي مصدر إزعاج حقيقي للجزائريين اليوم.
|
|
3826 |
|
0 |
|
|
|
هام جداً قبل أن تكتبو تعليقاتكم
اضغط هنـا للكتابة بالعربية
|
|
|
|
|
|
|
|