كشفت بعض وسائل الإعلام الجزائرية أن النظام الجزائري اشترى ثمان صفحات من صحيفة لوفيغارو" الفرنسية ، من أجل نشر ملحق خاص كله "بروبغندا" للنظام الجزائري . وأوضحت وسائل الإعلام المذكورة أن ذلك تم على الطريقة السوفياتية القديمة، حيث نشرت ”لوفيغارو” أمس، ملحقا إشهاريا تم تخصيصه بالكامل للحديث عن حصيلة رئيس الجمهورية خلال العام الأول من ولايته الرابعة، مكررة بذلك صفقة مماثلة تم إبرامها مع جريدة ”لوموند” قبل ثلاث سنوات بمناسبة الذكرى الخمسينية لاستقلال الجزائر عن فرنسا. وأوضحت وسائل الإعلام الجزائرية أن الصفحات الإشهارية جاءت في شكل دفتر داخلي بعنوان ”خاص بالجزائر”، تضمنت إطنابا في مدح إنجازات رئيس الجمهورية، ليس في شكل مقابلات صحفية مثلما حدث مع جريدة ”لوموند” التي كانت تمر بضائقة مالية خانقة، وليس بأقلام الخبراء أو المحللين الاقتصاديين والسياسيين والكتاب الدبلوماسيين، بل عبارة عن مقالات مطولة حملت توقيعات كل من وزير الصناعة والمناجم، عبد السلام بوشوارب، وزميله وزير التجارة، عمارة بن يونس، وعبد المجيد تبون، وزير السكن، وحتى الوزراء حملة الحقائب السيادية مثل رمطان لعمامرة، وزير الشؤون الخارجية، وزميله في الحكومة محمد جلاب، وزير المالية، ويوسف يوسفي، وزير الطاقة، ووزير العمل، محمد الغازي، ووزير الشباب، عبد القادر خمري.وتضمنت ”مساهمات” الوزراء الثمانية ومحافظ بنك الجزائر، محمد لكصاسي، تكرار ما درجوا على الترويج له على أعمدة بعض الصحف الوطنية، من شاكلة توقعات وزير المالية، محمد جلاب، بتحقيق نسبة نمو اقتصادي 7 بالمائة في آفاق 2019، في حين اجتهد الوزير بوشوارب في تعداد فضائل القطاع الصناعي العمومي وقدرته على جلب المستثمرين الأجانب. وبالنسبة إلى وزير الخارجية، رمطان لعمامرة، فقد روّج للأفكار التي يدافع عنها منذ مجيئه إلى الحكومة في العام 2012، وهي أن الجزائر تعمل على تصدير السلم والاستقرار لدول الجوار، وعدم توانيها عن بذل المساعي في إخماد نيران التوترات في المنطقة المغاربية والساحل، وفي مقدمتها مالي وليبيا اللتين ترعى الجزائر جهود إرساء السلام فيهما عبر الحوار السياسي. الملاحظ أنها ليست المرة الأولى التي تلجأ السلطة إلى مثل هذه الطريقة في الترويج لإنجازات الرئيس بوتفليقة، بعدما كانت تستعين منذ الثمانينيات بوسائل إعلام تصدر بفرنسا مملوكة لإعلاميين عرب، من خلال شراء مساحات إشهارية لفائدة شركتي ”سوناطراك” والخطوط الجوية الجزائرية، لدعم خطها الافتتاحي المؤيد للسياسة الخارجية . من جهة أخرى أثار هذا الملف الإشهاري العديد من التساؤلات حول سبب إقحام أسماء وزراء في عمل ليس من اختصاصهم، ومن يقف وراء اختيار هذه الجريدة الفرنسية المحسوبة على التيار اليميني؟ وهي التي نشرت، الخميس الماضي، أي يوما قبل نشر الدفتر الإشهاري، مقالا ينتقد الوضع الداخلي تحت عنوان ”الجزائر المعطلة”، فضلا عن الغاية من مخاطبة الفرنسيين، وسر تحول وزراء بالكاد يستطيعون صياغة جمل مفيدة لدى مخاطبتهم مواطنيهم. وأثارت وسائل الإعلام الجزائرية أيضا تساؤلات مثل: لماذا اختارت السلطة مخاطبة الفرنسيين بعينهم وليس شعبا أو سوقا آخر، وعبر جريدة تعاني مشاكل مالية اضطرت لبيع عقاراتها قبل سنوات لأمراء خليجيين.. وفي وقت تمارس الحكومة سياسة التخويف تارة بالتلويح بعصا التقشف والخوف من عودة السنوات العجاف، بسبب تراجع أسعار البترول، وتارة أخرى بإطالة حبل الأمل بقرب تلبية طلبات المواطنين من السكن ومناصب الشغل التي لا تتوقف الحكومة عن إطلاق الوعود بشأنها.