تناولت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية الموضوع الذي سبق ان نشرته مجلة "شبيغل" الألمانية بشأن كيفية ظهور "الدولة الإسلامية" في العراق وسوريا.
وقالت مجلة "شبيغل" الألمانية انها حصلت على مسودة وثيقة (31 صفحة) مكتوبة بخط يد العقيد سمير عبد محمد الخليفاوي، الضابط السابق في المخابرات العراقية، الذي كان يعرف باسم الحاج بكر. هذا الضابط هو الذي فكر وخطط لإنشاء هذه المنظمة التي يعرفها العالم الآن باسم "الدولة الإسلامية".
كان الذين عملوا مع الحاج بكر في قاعدة الحبانية الجوية (في العراق) يطلقون عليه لقب "سيد الظل" وانه لم يكن إسلاميا ابدا، بل كان قوميا. بعد الغزو الأمريكي للعراق أصبح الضابط الخليفاوي من دون عمل. لذلك فكر مع البعثيين في ضرورة السيطرة على المجتمع عبر انشاء قوة لمجموعة صغيرة غير خاضعة لأحد، لكي تحكم باسم الدين، وتحقيق رسالة الأمة العربية.
اعتقل "الحاج بكر" في سجن ابو غريب وفي معسكر بوكا، حيث التقى "ابو بكر البغدادي" ووسع اتصالاته مع الاسلاميين بمساعدة ضباط المخابرات الذين كانوا في هذا المعتقل. وضح الحاج بكر أفكاره بشأن انشاء "دولة اسلامية" في العراق وسوريا على ان تكون بنيتها كما كانت عليه الدولة العراقية في ظل حكم صدام حسين. أي يجب على الجواسيس ان ينتشروا في كافة طبقات المجتمع دون استثناء. ويجب على الشرطة الداخلية ان تراقب الجميع بصورة دائمة.
اصبح ابو بكر البغدادي الواجهة الدينية لتنظيم "للدولة الإسلامية" عام 2010 ، في حين بقي الخليفاوي(الحاج بكر) يعتبر الدين إحدى الوسائل المتاحة للتأثير وسط الجماهير لبلوغ الهدف المنشود.
الحرب الأهلية في سوريا لم تعط للتنظيم الجديد غير المعروف على نطاق واسع فرصة للقيام بنشاط واسع جدا وتنفيذ مخططه الدموي. لذلك سبق الاستيلاء على المدن والمراكز السكنية، انشاء مراكز سرية تبشيرية لألقاء المحاضرات على الحضور حول الإسلام وتقاليده، دون ذكر أي شيء عن "الخلافة". وحسب تعليمات "الحاج بكر" كان يتم إختيار من بين الحضور رجلا واحدا أو اثنين للتجسس على الجيران وتقديم التقارير عنهم الى مركز التنظيم . كان الجاسوس يهمه كل شيء مثل الأسر التي لها تأثير ومصدر دخلها وتوجهها السياسي وكيفية ابتزازها، من خلال تعاليم الشريعة.
يقول السوريون انهم لم يولوا أي اهتمام جدي لإنشاء هذه المؤسسات التبشيرية السلمية. ولكن بعد استيلاء المعارضة على إحدى المدن كان يتم تشكيل حركات مختلفة فيها، مثل الدفاع عن مصالح الشباب ونضال المرأة من أجل المساواة. ولكن بعد حصول الإسلاميين على عدد كاف من الأنصار والمؤازرين كانت الأعلام السوداء تظهر في كل مكان على المباني والمنازل. ولكنهم إذا واجهوا معارضة شديدة كانوا يتراجعون مؤقتا.
سعى "الحاج بكر" عند انشاء جيشه الى أن يكون أفراده غير مرتبطين بعلاقات قربى محليا، لذلك كان يختار المرتزقة والغرباء والضباط العرب والمتطوعين الأوروبيين، ويعزلهم في معسكرات خاصة لا يتعرفون فيها إلا على قادتهم المباشرين. هؤلاء هم دائما على استعداد لتنفيذ الأوامر دون نقاش، وقتل الأسرى دون رحمة. كان الحاج بكر بفضل الشبكة الجاسوسية التي انشأها على اطلاع تام على وضع المعارضة السورية ويستخدم نقاط ضعفها لكسب أعضاء آخرين الى جانبه.
بعد الاستيلاء على مدينة الرقة في سوريا، دس الإسلاميون جواسيسهم في صفوف المعارضة السورية. وباستخدام الانتحاريين تمكنوا من القضاء على العشرات من الذين لم يقفوا الى جانبهم. عارض هذا الاسلوب الارهابي، اثنان فقط من بين 300 شخص، وبعد مضي بضعة أيام قتل أحدهم وارسلت صورته الى رفاقه مع سؤال: هل يشعرون بالأسف على صديقهم أم لا؟
لم يحالف الحظ الحاج بكر إلا مرة واحدة فقط، عندما هاجمت المعارضة السورية مدينة تل رفعت، حيث كان موجودا في ذلك الجزء الذي أصبح تحت سيطرة المعارضة، وقتل بعد ان رفض تسليم نفسه.
وهكذا تمكن "الحاج بكر" من انشاء هيكل دولة كاملة، رغم كل ما يقال من أن الارهابيين غير قادرين على انشاء دولة. ولكن ليس واضحا، هل كان ينوي انشاء دولة اسلامية أم كان يسعى الى الحصول على سلطة أوسع. وعند تفتيش منزله، عثر على عدة هواتف خليوية وجوازات سفر مختلفة وأجهزة كمبيوتر، ولكن لم يعثر على نسخة واحدة من القرآن الكريم.
وفاة حاجي بكر
حتى نهاية عام 2013، كان كل شيء يسير وفقًا لخطة الدولة الإسلامية، أو على الأقل، وفقًا لخطة حاجي بكر. وكانت الخلافة تتوسع من قرية إلى أخرى دون أن تواجه مقاومة موحدة من الثوار السوريين. وفي الواقع، كان يبدو أن الثوار أصيبوا بالشلل في مواجهة قوة الدولة الإسلامية الشريرة.
ولكن، عندما قام أتباع داعش بتعذيب زعيم وطبيب محبوب من قبل الثوار، ومن ثم إعدامه في ديسمبر/كانون الأول عام 2013، حدث شيء غير متوقع؛ حيث انضمت الألوية السورية، سواءً العلمانية منها أو التابعة لجبهة النصرة المتشددة، معًا لشن معركة ضد الدولة الإسلامية في جميع أنحاء البلاد. ومن خلال مهاجمة كل مواقعها في نفس الوقت، تمكن الثوار من تجريد داعش من ميزتها التكتيكية، وهي القدرة على التحرك بسرعة عبر البلاد.
وفي غضون أسابيع، تم دفع الدولة الإسلامية خارج مناطق واسعة من شمال سوريا. وحتى الرقة، وهي عاصمة الدولة الإسلامية، كادت تسقط تقريبًا قبل وصول 1300 مقاتل من داعش من العراق. ولم ينضم هؤلاء المقاتلون ببساطة إلى المعركة. وبدلًا من ذلك، ووفقًا لما يقوله الطبيب الذي هرب من المدينة: "في الرقة، كان هناك الكثير من الألوية في المعركة لدرجة أن لا أحد كان يعرف بالضبط من هم الآخرون. وفجأةً، بدأت مجموعة ترتدي ثياب الثوار بإطلاق النار على الثوار الآخرين. وفروا جميعًا بكل بساطة".
وقد ساعدت هذه الحفلة التنكرية الصغيرة والبسيطة في فوز مقاتلي الدولة الإسلامية، وكل ما قاموا به هو تغيير ملابسهم السوداء، وارتداء الجينز والسترات الواقية. وقد فعل التنظيم الشيء نفسه في بلدة جرابلس الحدودية. وفي عدة مناسبات، ألقى الثوار القبض على انتحاريين من داعش. وتساءل هؤلاء الأسرى: "أنتم من السنة أيضًا؟ لقد قال لنا أميرنا إنكم كفار من جيش الأسد؟".
وبقي حاجي بكر في مدينة تل رفعت الصغيرة، حيث كان للدولة الإسلامية اليد العليا. ولكن مع هجوم الثوار في نهاية يناير عام 2014، أصبحت المدينة منقسمة في غضون بضع ساعات فقط. وبقي نصفها تحت سيطرة الدولة الإسلامية، في حين انتزع النصف الآخر من قبل أحد ألوية الثوار المحلية. وكان حاجي بكر عالقًا في النصف الخطأ.
ومن أجل البقاء متخفيًا، امتنع بكر عن الانتقال إلى أحد الأحياء الواقعة تحت سيطرة الدولة الإسلامية. وتعرض عراب الوشاية للوشاية من قبل أحد الجيران، الذي قال: "شيخ من شيوخ داعش يعيش في البيت المجاور!“. وذهب قائد محلي مع رجاله إلى منزل بكر، وفتحت امرأة الباب قائلةً بفظاظة: "زوجي ليس هنا". فقال الثوار: "لكن سيارته واقفة خارجًا".
وفي تلك اللحظة، ظهر حاجي بكر عند الباب في ملابس النوم. وأمره الثوار بأن يذهب معهم؛ إلا أن “بكر” احتج قائلًا بأنه يريد تغيير ملابسه. فكرر الثوار: "تعال معنا على الفور!".
وبرشاقة مثيرة للدهشة بالنسبة لعمره، قفز بكر إلى الوراء وركل الباب مغلقًا إياه، وفقًا لاثنين من الناس الذين شهدوا الحادث. واختبأ بكر بعدها تحت الدرج، وصاح: "لدي حزام ناسف. سوف أنسفكم جميعًا!" ومن ثم خرج مع كلاشنيكوف وبدأ بإطلاق النار. وقام قائد وحدة الثوار بقتله.
وعندما علم الرجال في وقت لاحق من كان الشخص الذي قتلوه، قاموا بتفتيش المنزل، وأخذوا أجهزة الكمبيوتر، وجوازات السفر، وبطاقات الهاتف المحمول، والأهم من ذلك كله، الأوراق. ولكنهم لم يجدوا أي نسخة من القرآن الكريم في أي مكان من المنزل.
وبعد مقتل حاجي بكر، أخذ الثوار المحليون زوجته إلى السجن. وفي وقت لاحق، بادل الثوار زوجته مع داعش بمقابل إفراج التنظيم عن رهائن أتراك بناءً على طلب أنقرة.
مجموعة أخرى من المستندات
استمرت دولة حاجي بكر بالعمل حتى من دون منشئها. وجاء اكتشاف ملف آخر من الوثائق ليبين كيف تم تنفيذ خطط بكر بالضبط؛ حيث إنه، وعندما اضطرت الدولة الإسلامية للتخلي بسرعة عن مقرها في مدينة حلب، في يناير عام 2014، حاول عناصرها حرق الأرشيف، ولكنهم واجهوا مشكلة مماثلة لتلك التي واجهت الشرطة السرية في ألمانيا الشرقية قبل 25 عامًا: لقد كان لديهم العديد من الملفات.
وبقيت بعض هذه الملفات سليمة وانتهت مع لواء التوحيد، الذي كان أكبر جماعة ثائرة في حلب في ذلك الوقت. وبعد مفاوضات مطولة، وافق اللواء على تقديم الأوراق لشبيغل، مانحًا إياها حقوق النشر الحصرية. وقد منح اللواء المجلة كل شيء، ما عدا قائمة جواسيس الدولة الإسلامية داخل لواء التوحيد نفسه.
وتكشف دراسة مئات الصفحات من الوثائق عن نظام معقد للغاية، ينطوي على إجراء عمليات التسلل والمراقبة ضد جميع الجماعات، بما في ذلك أفراد الدولة الإسلامية. وتضمن أرشيف الجهاديين قوائم طويلة لمخبري المجموعة ضمن ألوية الثوار والميليشيات الحكومية. وتضمنت أيضًا قوائم بجواسيس مخابرات الأسد ضمن فصائل الثوار.
وأرادت الدولة الإسلامية معرفة كل شيء، ولكنها أرادت في الوقت نفسه أيضًا، خداع الجميع حول أهدافها الحقيقية. ويسرد أحد التقارير، على سبيل المثال، كل الذرائع التي تستطيع الدولة الإسلامية استخدامها لتبرير الاستيلاء على أكبر مطحنة دقيق في شمال سوريا. وفي حين تضمنت هذه الأعذار عمليات الاختلاس المزعومة والسلوك الفاجر لعمال المصنع، كان الواقع الذي أريد له أن يبقى طي الكتمان هو أنه كان يجب الاستيلاء على جميع المرافق الهامة استراتيجيًا، مثل المخابز الصناعية، وصوامع الحبوب، ومولدات الطاقة، وإرسال معداتها إلى عاصمة الخلافة في الرقة.
وتكشف الوثائق مرارًا وتكرارًا عن وجود التزام بخطط حاجي بكر لإنشاء الدولة الإسلامية، مثل خطوة الزواج من فتيات الأسر المؤثرة. وشملت الملفات من حلب أيضًا قائمة بأسماء 34 من المقاتلين الذين يريدون زوجات، بالإضافة إلى الاحتياجات المحلية الأخرى. وعلى سبيل المثال، أشار أبو لقمان وأبو يحيى التونسي إلى أنهما بحاجة إلى شقة. وطلب أبو صهيب وأبو أحمد أسامة أثاثًا لغرفة نوم. وطلب أبو البراء الدمشقي الحصول على المساعدة المالية، بالإضافة إلى مجموعة كاملة من الأثاث، في حين أراد أبو عزمي غسالة أوتوماتيك.
تغيير التحالفات
وفي الأشهر الأولى من عام 2014، بدأ إرث آخر من حاجي بكر لعب دور حاسم، وهو علاقته لعقد من الزمن بأجهزة استخبارات الأسد.
وكان نظام دمشق يشعر بالذعر في عام 2003 من أن الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت، جورج دبليو بوش، وبعد انتصاره على صدام حسين، سيواصل نشر قواته إلى سوريا لإسقاط الأسد أيضًا. وفي السنوات التالية، نظم مسؤولو الاستخبارات السورية نقل الآلاف من المتطرفين من ليبيا، والسعودية، وتونس، إلى تنظيم القاعدة في العراق. ودخل 90 في المئة من المهاجمين الانتحاريين إلى العراق عبر الطريق السوري. ونشأت علاقة غريبة بين الجنرالات السوريين، والجهاديين الدوليين، والضباط العراقيين السابقين الذين كانوا موالين لصدام.
وكان الهدف الأساسي في ذلك الوقت هو جعل حياة الأمريكيين في العراق جحيمًا. ولكن بعد عشر سنوات، أصبح لدى بشار الأسد دافع مختلف لبث الحياة من جديد في ذلك التحالف؛ حيث أراد أن يبيع نفسه للعالم باعتباره أهون الشرور. وتميزت علاقة النظام مع الدولة الإسلامية، تمامًا كما كانت علاقته مع سابقتها قبل عقد، بالبراغماتية التكتيكية. ولم يكن لدى زعماء الدولة الإسلامية مشكلة في تلقي المساعدة من سلاح جو الأسد، على الرغم من كل تعهدات المجموعة بإبادة الشيعة المرتدين. ومنذ يناير عام 2014، قامت الطائرات السورية بانتظام بدك مواقع الثوار أثناء معارك بينهم وبين داعش.
وفي معارك بين الدولة الإسلامية والثوار في يناير عام 2014، قصفت طائرات الأسد مواقع الثوار فقط بانتظام، في حين أمر أمير الدولة الإسلامية مقاتليه بالامتناع عن إطلاق النار على الجيش السوري. وأدى هذا حينها إلى شعور العديد من المقاتلين الأجانب بخيبة أمل عميقة، حيث كانوا يتصورون الجهاد بطريقة مختلفة.
ورمت الدولة الإسلامية بترسانتها كاملة ضد الثوار، مرسلةً الانتحاريين لشن هجمات ضدهم في غضون أسابيع قليلة ما هو أكثر مما استخدمته الدولة الإسلامية خلال العام السابق بأكمله ضد الجيش السوري. وبفضل الضربات الجوية الإضافية، كانت داعش قادرة على استعادة الأراضي التي كانت قد فقدتها لفترة وجيزة.
وليس هناك ما يرمز إلى التحول التكتيكي للتحالفات أكثر من مصير اللواء 17 في الجيش السوري؛ حيث كانت هذه القاعدة العسكرية المعزولة قرب الرقة تحت حصار الثوار لأكثر من عام. ولكن وحدات الدولة الإسلامية هزمت الثوار هناك لاحقًا، وأصبح سلاح جو الأسد قادرًا مرة أخرى على استخدام القاعدة في إطلاق هجماته الجوية دون الخوف من التعرض للهجوم.
ولكن بعد نصف سنة، وتحديدًا إثر احتلالها للموصل وسيطرتها على مستودع ضخم للأسلحة هناك، شعرت الدولة الإسلامية بأنها قوية بما يكفي لمهاجمة أعوانها السابقين، واجتاح مقاتلوها اللواء 17، وذبحوا جنوده.
ما الذي قد يحمله المستقبل؟
ولدت النكسات التي تعرضت لها الدولة الإسلامية في الأشهر الأخيرة، مثل هزيمتها في القتال من أجل الحصول على الجيب الكردي، كوباني، وفقدانها لمدينة تكريت العراقية، الانطباع بأن نهاية الدولة الإسلامية اقتربت. ولكن، هذا التفاؤل سابق لأوانه على الأرجح. وقد تكون الدولة الإسلامية فقدت بالفعل العديد من المقاتلين؛ إلا أنها واصلت التوسع في سوريا.
ومن الصحيح أيضًا أن التجارب الجهادية في حكم منطقة جغرافية محددة فشلت في الماضي؛ إلا أن ذلك حدث في الغالب بسبب عدم معرفة الجهاديين بطرق إدارة هذه المناطق، أو حتى الدول. وهذه هي بالضبط نقطة الضعف التي ركز عليها استراتيجيو الدولة الإسلامية منذ فترة طويلة. وضمن “الخلافة”، شيد من هم في السلطة نظامًا أكثر استقرارًا ومرونة مما يبدو عليه من الخارج.
وقد يكون أبو بكر البغدادي الزعيم رسميًا؛ إلا أنه ليس من الواضح مدى السلطة التي يتمتع بها. وفي أي حال، عندما اتصل مبعوث رئيس تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، بالدولة الإسلامية، كان قد اختار التواصل مع حاجي بكر، وضباط مخابرات آخرين، وليس مع البغدادي. وبعد ذلك، شكا المبعوث قائلًا إن "هذه الثعابين الزائفة تقوم بخيانة الجهاد الحقيقي".
وتعد الدولة الإسلامية قادرة على استشعار جميع أنواع الثورات الداخلية وخنقها. ويوفر هيكل المراقبة في الوقت نفسه فرصة مفيدة لاستغلال رعاياها ماليًا.
وقد أدت الضربات الجوية من قبل قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة إلى تدمير آبار النفط والمصافي. ولكن لا أحد يمنع السلطات المالية للخلافة من الحصول على المال من الملايين من الناس الذين يعيشون في المناطق الخاضعة لسيطرة الدولة الإسلامية في شكل ضرائب ورسوم جديدة، أو ببساطة عن طريق مصادرة الممتلكات. وتعرف الدولة الإسلامية كل شيء من خلال جواسيسها والبيانات التي نهبتها من البنوك ومكاتب السجل العقاري ومكاتب الصرافة. وهي تعرف من يملك المنازل والحقول، ومن لديه الكثير من الأغنام أو الكثير من المال. وقد يكون السكان غير راضين، ولكن ليس هناك فرصة كبيرة بأن يستطيعوا تنظيم وتسليح أنفسهم، والتمرد على داعش.
وبينما يتركز اهتمام الغرب في المقام الأول على احتمال وقوع هجمات إرهابية، تم التقليل من أهمية سيناريو مختلف، وهو الحرب التي تقترب بين المسلمين الشيعة والسنة. وسوف يسمح مثل هذا الصراع للدولة الإسلامية بأن تخرج من عباءة كونها منظمة إرهابية مكروهة لتصبح قوة مركزية.
وفي مثل هذا السيناريو، قد تقترب دعاية الدولة الإسلامية حول نهاية العالم من أن تصبح حقيقة واقعة. وقد يكون من الممكن إنشاء ديكتاتورية استبدادية كاملة باسم الله.