ليست الغايات حقوقية ولا النوايا حسنة أو نبيلة، ومن الواضح الذي لا غبار عليه، أن تسييس حقوق الإنسان أصبح مهنة عدد من المنظمات الدولية، والتشويش السياسي حرفة تدر عليها مداخيل ضخمة، خاصة عندما يكون صاحب الطلب، زبونا بتروليا وسخيا جدا مثل الجزائر، أو ما يعني بالعربي الفصيح: عدوا للمملكة المغربية من الطراز الرفيع، والمتضرر الأول، من الانفراج السياسي الذي دشنه لقاء الملك محمد السادس بالرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند في فبراير الماضي بباريس.
المخطط الخبيث مكشوف للغاية، واستخدام منظمات حقوقية، لضرب التقارب المغربي الفرنسي، والعمل سويا من أجل المصالح الحيوية للبلدين، لا يحتاج المواطن العادي سواء في المغرب أو فرنسا أدنى جهد فكري، ليقول مع الشاعر"هزلت حتّى سامها كلّ مفلس" والذي هزل في حالتنا هذه، هي المبادئ السامية لحقوق الإنسان والقيم التي تأسست عليها منذ أربعينيات القرن الماضي و في باريس: العدالة والحرية والمساواة.
هزال مقيت، يجعلنا نقف أمام أزمة أخلاقية حادّة، وموت شامل للضمير لدى منظمات أصبحت تبيع كلّ شيء بدينار واحد، تفبرك التقارير وتتاجر في المواقف وتتصيّد المناسبات وتتحيّن الفرص، ليس من أجل حقوق الإنسان والتقارب بين الشعوب، ولكن من أجل مسح الأرض بالمواثيق والعهود الحقوقية، وتفرقة بين الشعوب، مثلما هو الحال بين المغرب وفرنسا، والعلاقات البنّاءة التي تجددت دماؤها، وأخذت منحى المستقبل كاختيار لتشييد صرح غد مشرق.
ليتصوّر معنا القارئ الكريم، أنه في اليوم الذي وصل فيه الوزير الأول الفرنسي مانويل فالس إلى المغرب، في نفس اليوم تحركت طنجرة طبخ التقارير والمطالب فوق فرن الغاز الجزائري،.
وطالبت كل من "منظمة العفو الدولية"، و"منظمة هيومن رايتس ووتش"، والجمعية المسيحية لحقوق الإنسان"أكات" بإلغاء اتفاقية التعاون القضائي، المُبرمة بين فرنسا والمغرب، منذ نهاية يناير الماضي.
انه زمن الهراء الحقوقي بامتياز، وفقدان المعنى والمصداقية لهاته المنظمات، لأن آخر شيء يمكنها الحديث عنه هو الدفاع عن حقوق الإنسان، والمواطنين الفرنسيين أو الأجانب، أما المغاربة فيترفعون عن دفاع هيئات مرّغها التاريخ والظروف في العار، وتعرّت تماما على سرير خصم وحدتهم الترابية الجزائر... منظمات يقول عنها المغاربة أنها استسلمت للدعارة الحقوقية وزاغت عن أهدافها، ورحم الله الذين استشهدوا في أزمنة مرّت دفاعا عن المبادئ، وعوّضهم الله ما جناه الأحفاد من خيانات كبرى.