بوحدو التودغي
مع تدشين المكتب المركزي للأبحاث القضائية، التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، توالت الضربات المتسارعة الموجهة للخلايا الإرهابية، خصوصا تلك المرتبطة بتنظيم داعش الإرهابي، وكان آخرها خلية سلوان، التي كانت تخطط لأعمال إرهابية خطيرة واغتيال سخصيات تخالفها المعتقد، وأبانت الطريقة التي تم بها تفكيك الخلايا المذكورة عن تقنيات سريعة وحديثة في تكسير شوكة الإرهاب.
وما قامت به الديستي أخيرا يعتبر تتويجا لعملها ومجهوداتها السابقة في مكافحة الإرهاب، منذ أن أصبحت هذه الظاهرة تؤرق أعين العالم، غير أن هذا الجهاز وبفضل الخبرات الكبيرة التي راكمها كان على الموعد في محاربة جيل رابع من الجهاديين المغاربة، ولولا تلك الخبرات والتقنيات العالية لكنا اليوم من بين البلدان التي يدمرها الإرهاب اللعين.
المنهج الذي اتبعه المغرب في محاربة الإرهاب مختلف عن دول العالم الأخرى، فهذا البلد، الذي اكتوى منذ البداية بالإرهاب حتى قبل أن يتحول إلى العمليات الانتحارية من خلال عملية فندق أطلس أسني التي تدخل في سياق الإرهاب التقليدي، يعتبر الإرهاب منسجم مع العولمة، وبالقدر الذي اختفت فيه الحدود بين البلدان اختفت فيه الحدود بين الحركات الإرهابية، ولم يبق بلد في منأى عن هذا السم القاتل.
وفي هذا الصدد قدم المغرب في شخص المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني معلومات على غاية من الأهمية لكثير من البلدان جنبتها كوارث الإرهاب. آخر تلك المعلومات هو تزويد هولندا بتفاصيل الإعداد لمخطط إرهابي يقف وراءه مواطن مغربي. وليست المرة الأولى التي تنجو فيه هولندا من مخطط إرهابي بفضل معلومات مغربية، كما تمكنت إسبانيا من اعتقال حوالي 70 جهاديا بفضل التعاون الأمني المغربي.
لم يعد الإرهاب ظاهرة تقليدية، لقد طور من إمكانياته إلى حد لا يتصور بتاتا، وهو اليوم أصبح يخترق منظومات الإعلام والمعلومات وبين صفوفه مهندسون وضباط وطاقات كبرى يوظفها في التخريب، وبالتالي فإن المواجهة لن تكون إلا من حجم هذه التحديات، وهذا ما أبانت عنه المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، التي طورت أدواتها وزادت سرعتها مع المكتب المركزي للأبحاث القضائية وحصول ضباط من الجهاز على الصفة الضبطية، حيث تجاوزت عقبات كثيرة كان يفرضها وضعها القانوني.
وبتفكيك خلية سلوان الخطيرة تكون قد أضافت رقما جديدا لعملياتها قصد حماية أمن الوطن والمواطنين، وبتجنيب هولندا مخططا إرهابيا تكون قد وضعت لبنة أخرى في مكافحة الإرهاب على المستوى العالمي، وهي عمليات تبوئ المغرب مكانة رفيعة في التصدي للتطرف.