تعمّد النظام الجزائري اختيار مارقين وعمل على إرسالهم إلى تونس الشقيقة ليس من أجل المشاركة في أشغال المنتدى الاجتماعي العالمي، بل من أجل تَعَقُّبِ نشاط وتحركات الوفد المغربي والتشويش عليها. ولاحظ المشاركون عنجهية هؤلاء المارقين الذين يبدو أنهم تلَقَّوا تدريبات خاصة عن طرق وكيفية ممارستها في الجزائر قبل إرسالهم إلى تونس لتنفيذها ضد أعضاء الوفد المغربي، وذلك لأنهم استشاطوا غضباً من فعالية ونجاعة الورشات التي أعدّها المغاربة بالمناسبة. أمام الاعتداءات التي اتخذت طابعا عدائياً توحُشِّياً من طرف أشخاص لاَ هُم في العِيرِِ ولا في النفير، لم يتردد المنسق العام للمنتدى، محيي الدين شربيب، في توجيه اتهام صريح ومباشر إلى الجزائريين بسبب الاعتداءات التي قاموا بها عن سَبْقِ إصرار وترَصُّد ضد المشاركين المغاربة، وهي الاعتداءات التي لم يسلم منها عضو المنتدى ونائب الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل، عبد الرحمان الهديلي، وحتى بعض المشاركين الآخرين الذين كانوا يتابعون باهتمام مواضيع الحلقات والورشات التي نظمها المغاربة حول قضية الصحراء المغربية والنزاع الذي اصطنعه النظام الجزائري اصطناعا لخدمة أجندته التوسعية التي لم تعد تخفى على أحد. وبناء على هذا قررت التنسيقية العامة للمنتدى تقديم شكوى ضد "المشاركين" الجزائريين، كما تم في الحال إخبار رئاسة الجمهورية التونسية بهذه الاعتداءات التي تعرض لها الوفد المغربي، وفي نفس الآن توجيه رسالة احتجاج إلى سفير النظام الجزائري بتونس. وتعتزم لجنة تنظيم المنتدى مقاضاة أحد هؤلاء المارقين بعد تهديده لأحد أعضاء اللجنة بالسلاح الأبيض فقط لأنه حاول التدخل لرد مجموعة من الأشخاص الجزائريين عن غَيِّهَا وهي تحاول عرقلة أنشطة الجمعيات المغربية. هذه حقيقة "الحياد" الذي ما فتئ يردده النظام الجزائري، بخصوص تورطه المفضوح في قضية الصحراء المغربية، في المنتديات والملتقيات، الشيء الذي يُعَرّي عوراته التي يحاول هذا النظام، عبثاً، ستره بأوراق ذابلة حول تقرير مصير الصحراويين الذين يحتجزهم النظام المذكور في مخيمات تندوف، بينما هم ينتظرون فقط عودتهم إلى الوطن الأب: المغرب. كما أن حقيقة الحياد الجزائري المزعوم تؤكد مسألة أخرى تتمثّل في أن نظام العسكر الحاكم المتحكم في مصير الشعب الجزائري دخل المرحلة النهائية في سباقه المحموم لِمُنَاصَبَة الكيد والعداء للمغرب باعتماده على جماعة من المارقين الذين يُخْضِعُهُم لتداريب مكثّفة حول فنون الحرب والعدوان لمواجهة أيّ وفد مغربي يشارك، بفعالية وجدّية، في المنتديات والملتقيات الجهوية والدولية. وهو تحَوُّلٌ خطير في سلوك النظام الجزائري تجاه المغرب، خاصة حين نعلم أن تنسيقية المنتدى الاجتماعي العالمي بتونس عبّرت عن استغرابها لضخامة الوفد الجزائري الذي بلغ 1200 مشارك، يمثلون 800 جمعية، بينما كان مقررا مشاركة 100 جمعية أو أقل. والأغرب في استغراب تنسيقية المنتدى حين تَبَيَّنَ لها أن عددا كبيرا من الأشخاص الذين تم حَشْوُهُم وحشرهم ضمن الوفد الجزائري، لا يفقهون في مثل هذه الأنشطة ولا علاقة لهم الْبَتَّة بمثل هذه الملتقيات العالمية، بل مجرد مارقين مُهَيَّئِين لاستعراض واستخدام العضلات بدل استعمال العقول والأدمغة ومُقَارَعَة الحجّة بالحجة والدليل بالدليل. لكن فًاقِدَ الشيء لا يُعطيه. حين نقول إن النظام الجزائري افتعل النزاع حول موضوع الوحدة الترابية للمملكة المغربية، فتلك حقيقة لا تزداد مع الأيام إلاّ ظهورا وبروزا أقوى من ذي قبل، خاصة بعد سقوط أقنعة "المواقف المبدئية"، و"مناهضة الاستعمار"، وتأييد «تقرير مصير الصحراويين" التي يحاول بها هذا النظام دغدغة عواطف البعض والتحايل عليهم، بشَتّى الطرق والوسائل، بما فيها شراء الذِّمَم، من أجل الحصول على اعتراف بصنيعته "البوليساريو" التي يريد من ورائها ضمان التوسّع لـ"الجمهورية الديمقراطية الشعبية الجزائرية" على حساب الوحدة الترابية للمغرب، وبالتالي ضمان هيمنة على المنطقة. ولما تأكد للنظام المذكور استحالة تحقيق هذياناته وهلوساته، آثر استعمال النَّصْبَ والاحتيال على جميع المستويات حتى وإن كان يعلم عِلْم اليقين أن الصحراء مغربية، وهي قضية وطنية يُوجَد حولها إجماع المغاربة. والدليل أعطته المسيرة الخضراء المظفَّرَة وتعطيه مسيرات البناء والتنمية المستمرة في مختلف الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية. تلك هي عُقْدَة المغرب .