لمجرد أن الإدارة رفضت ملفات توظيف عدد من "نشطاء" العدل والإحسان، من الأطر العليا، الذين تم توظيفهم في إطار التوظيف المباشر مؤخرا، لعدم استيفائهم "الشروط القانونية"، سارعت الدائرة السياسية للجماعة، لاستغلال هذا الواقعة من أجل أن تشرئب برأسها، ويلوّح لسانها بكل أنواع الوعيد و التهديد، متجاهلة أنه لو كان الأمر يتعلق بتصفية حساب، أو تضييق لتم استدعاء هؤلاء أصلا للعمل.لكن العدل والإحسان، التي بدأت تضمحل، ولم تعد تجد ما تشغل به نفسها، بعد الفضائح المعلومة، والمواقف المزعومة، تريد في كل مرة أن تبتدع ما تبرر به هجومها المنظم على البلاد والعباد، فلم تجد إلا هذه القصة المبتذلة لنفث ما يُعتمل بداخلها من حسرة بعد أن تسرب اليأس إلى أطرافها، واكتشفت أن الشارع ليس ملكا لها كما كانت تدعي، وأن "القومة" أصبحت مجرد سراب.وفي الوقت الذي كان فيه على الجماعة أن تستوعب الدرس، وتدرك أن الإدارة تتعامل مع المواطنين سواسية، وأنها لم تستثن الحاملين لـ "علامة" العدل والإحسان من التوظيف الذي هو حق دستوري، اختارت أن تتباكى على مجموعة قليلة اتضح للإدارة أنهم لا يستجيبون للشروط القانونية، وفي مقدمتها أنه سبق لهم أن أدينوا بعقوبات حبسية، وهذا شرط موجب للحرمان من هذا الحق، لأن الإدارة لا يمكن أن تأتمن على مصالحها ومصالح المواطنين من سبق أن أدينوا في عدد من أنواع الجرائم، وما كان على الدائرة السياسية إلا الإطلاع على النصوص القانونية الجاري بها العمل.(ولا نظنها،غير مطلعة)وإنما هو الضحك على الدقون،وأولها دقون معطليها واتباعها.ويكشف هذا الموقف أن الجماعة تعيش ارتباكا وتخبطا غير مسبوقين، وتريد أن تزرع "نشطاء" العدل والإحسان في دواليب الإدارة، بالرغم من أنها لا تؤمن بالمؤسسات، وهذا تناقض صارخ في سلوك العدل والإحسان التي تُعلن رفضها للدستور وتسعى في نفس الوقت إلى الاستفادة من الحقوق التي يخولها لكل مواطن... ومع ذلك فالإدارة لم تآخذهم على هذا الموقف بل آخذتهم على ما جنت أيديهم.وسيكون من الأفيد لـ "نشطاء" العدل والإحسان اللجوء إلى القضاء الإداري من أجل الطعن في هذه القرارات، وهو المخول له وحده أن يبت في ذلك، إذا ما كانوا يتشبثون بالمناصب، بنفس الحجم الذي يتشبثون به بدعم حركة 20 فبراير، وفي كلتا الحالتين سيكون مصيرهم الفشل لأن ما بُني على باطل فهو باطل.فقد قالت الدائرة السياسية للجماعة في بيان لها "فقد توصل أطر عليا من جماعة العدل والإحسان بقرارات لتوظيفهم، في إطار التوظيف المباشر الذي سلكته الحكومة مؤخرا، وبعد التحاقهم بالعمل وحصولهم على أرقامهم التأجيرية، بل إن منهم من انتقل، رفقة أسرته، من مدينة إلى أخرى، واكترى بيتا جديدا، وكيف حياته المادية والمعنوية مع معطى حصوله المتأخر عن حقه في العمل، بعد كل ذلك، صدرت تعليمات فوقية بمنع أطر الجماعة من استمرارهم في العمل، والسبب الظاهر الغامض، الذي ظهر فجأة بعد أن انتقلت ملفاتهم بين مصالح إدارية مختلفة، هو عدم استيفائهم "الشروط القانونية"، وفي البيان الذي يراد أن يكون له احتجاجيا الجواب الشافي الكافي وهو عدم استيفاء ملفات العناصر المذكور الشروط القانونية.فالذي سكتت عنه الجماعة هو الجريمة التي من أجلها دخل هؤلاء السجن، فمعتقلو العدل والإحسان ليسوا معتقلين سياسيين حتى يتم تصريف ملفاتهم في إطار التسويات السياسية لملفات الماضي، إنه ملف جنائي، لقد اعتقلوا من أجل ارتكاب جنحة القتل في حق الطالب المعطي بوملي، الذي كان ينتمي لفصيل الطلبة التقدميين القاعديين، ويذكر المتتبعون أنه أثناء اقتحام المقر السري لطلبة العدل والإحسان تم فك أسر طالب من الاتحاد الاشتراكي كان محتجزا لديهم في انتظار أن يصدر في حقه الحكم اللازموقانون الوظيفة العمومية يمنع ذوي السوابق من ولوج هذا المرفق، والعناصر المذكورة عناصر دخلت السجن من أجل جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وهي جريمة يشهد عليها الكثيرون، وبالتالي على هذه العناصر أن تعيد ترتيب حياتها من جديد وتعلن تخليها عن الطبيعة الإجرامية والاندماج في المجتمع من جديد وهو الهدف من السجنإذن ليس في العملية أي استهداف سياسي وإلا ما معنى أن يحتل أطر في العدل والإحسان مناصب مهمة في الإدارات العمومية، فلو كان الهدف من ذلك هو الحرب على العدل والإحسان لم تم استهداف موظفين من عينات أخرى والتضييق عليهم، ولكن الموضوع موضوع قانوني محض، وإذا تم فتح الباب على مصراعيه فإن هناك مئات السجناء حاصلون على ديبلومات عليا فضلوا العمل في القطاع الخاص احتراما للقانون إلا أن جماعة العدل والإحسان تدعو للفوضى في الوظيفة العمومية.