بث راديو "فرنسا الدولية" في 7 من مارس الجاري حلقة مخصصة للمغرب ضمن برنامج comme un bruit qui court تحولت فيه الإذاعة إلى معارض شرس ليس للمغرب وإنما لفرنسا أيضا، وذلك بإطلاق الصحفية كاترين كراسيي لمواقفها الجاهزة وأفكارها المسبقة ضد المغرب وملك المغرب محمد السادس، من خلال مجموعة من الافتراءات.
في البداية أثارت هذه الصحفية موضوع طرد المغرب لصحافيين فرنسيين تسللا للمغرب كسائحين، لكنهما سرعان ما تحولا إلى صحافيين، قررا تصوير برنامج موجه ضد مصالح بلد بكامله من خلال انتقاء المتدخلين بعناية، وأكثر من ذلك من دون الحصول على رخصة للتصوير، فكان طبيعيا أن يتم إبعادهما.
ولم تتساءل الصحفية عن الأسباب التي جعلت الصحافيين يختاران العمل تحت جنح الظلام، ولا عن الدواعي التي جعلتهما يختبئان داخل مقر جمعية تشتغل ( كما تدعي ) في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، وليس في مجال الإنتاج التلفزي.
ولم تتساءل الصحفية هل في بلدها فرنسا يحق لكل من هب ودب أن يصور حرا طليقا متى شاء وأنى شاء من دون التقيد بالقوانين الجاري بها العمل.
ولماذا لم تقف الصحفية عند واقعة اعتقال صحفيين بقناة "الجزيرة" للاشتباه في وقوفها وراء استعمال طائرات صغيرة في التصوير، حلقت فوق قصر "الإليزي".
ولم تجد الصحفية ما تبرر به أكاذيبها غير الإدعاء أنه في المغرب يصعب الحصول على رخصة تصوير، وفي هذه الحالة، يمكن أن نتساءل كيف أمكن لعشرات القنوات الأجنبية أن تنجز برامج وأشرطة وثائقية عن المغرب، ما لم تكن قد حصلت على رخصة تصوير.
إن الخلل في هذه الحالة ليس في رخصة التصوير، لأن هناك مساطر ينبغي اللجوء إليها للتوصل بها، غير أن الصحافيين الفرنسيين اختارا مسلكا غير ذلك تماما.
وعرجت الصحفية بعد ذلك على الوقفة المنظمة أمام سفارة المغرب بباريس للبكاء على جثة "حركة 20 فبراير" البائدة، والتي لم يتعد عدد المشاركين فيها رؤوس الأصابع... نفس الوجوه القديمة التي علاها الصدأ، يتقدمهم زكرياء المومني، الذي أبت الإذاعة إلا أن تمنحه الكلمة ليعيد نفس أسطوانة التعذيب المفترى عليه.
ولم يكن الهدف من استضافة هذا النصاب، إلا إثارة موضوع التعذيب، علما أن المغرب قطع مع هذه الأساليب البائدة، وفتح الباب أمام المفوض الأممي المكلف بالتعذيب، الذي أكد في تقريره أن التعذيب ليس ممارسة منهجية وسياسة رسمية للدولة بل حالات شاذة، ليس مرتكبوها في منأى عن العقاب مادام الدستور قد جرم هذه الممارسة.
وبلغت روح هذه الصحفية الحلقوم حين وصلت إلى قرار فرنسا توشيح مدير "الديستي" للمرة الثانية، وهو القرار الذي أعلن عنه وزير الداخلية الفرنسي خلال زيارته للمغرب، وهو توشيح لا يندرج في باب المجاملة، ولكن في باب جبر الضرر الذي لحق بهذا المسؤول جراء إدعاءات واهية، واعتراف بالمقاربة النوعية التي أسسها هذا الجهاز والخبرة والكفاءة التي راكمها في التصدي للإرهاب.
وتكلمت هذه الصحفية عن ما سمته "المعتقل السري" بتمارة، ولو كان سريا كما تدعى لما تم فتح أبوابه أمام النيابة العامة، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان وممثلي الأمة في الغرفتين معا، الذين اكتشفوا أنه مجرد إدارة كباقي المرافق العمومية.
وقد أخطأت هذه الصحفية المسكينة حين ادعت أن نعمة أسفاري قد اتهم مسؤولين بمديرية التراب الوطني بالتورط في تعذيبه، وكان يكفي أن تطلع على اللائحة المخدومة حتى لا تقع في هذا الخطأ الفظيع فظاعة الجرائم التي اقترفها نعمة أسفاري في "أكديم إزيك" في حق أفراد القوات العمومية، بعد أن زودته الجزائر و "البوليساريو" بالمال الضروري، بهدف إثارة الفتنة في الأقاليم الجنونية، التي هي جزء لا يتجزأ من التراب الوطني، واختار سكانها، منذ القديم، مبايعة ملوك المغرب، كما شهدت محكمة العدل الدولية بذلك.
وجيشت هذه الإذاعة بعض المرتزقة من سكان "بيتز" من أجل أن يطلقوا العنان لألسنهم في حق الملك محمد السادس، علما أن أغلب سكان هذه البلدة يحبون الملك، ويعتزون بإقامته بين ظهرانيهم بين الحين والآخر، ليس طمعا، وإنما حبا في شخصيته المتميزة، وتواضعه المدهش، أما الذين في قلوبهم مرض، ولا يجدون في أفئدتهم للود سبيلا، فلم يخرجوا عن قاعدة "كل إناء بما فيه يرشح".
الأكيد أن بعض وسائل الإعلام الفرنسية أصبحت تعاني من عقدة المغرب، ومن مواقف الملك محمد السادس، الذي يمارس السيادة الوطنية، خارج أية وصاية، سياسيا ودبلوماسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، وبمنطق الند للند، بعيدا عن المحاباة والمجاملة، وهو ما يجعل الذين لم يتخلصوا بعد من العقلية الاستعمارية يصابون بصدمة تجعلهم يخبطون خبط عشواء، لكن، لا شك، أن كيدهم سينقلب عليهم.