أحيانا- أحيانا فقط – تتساءل – على سبيل التساؤل فقط- إن كان هناك شيء يستحق هذا الهراء كله، أم أن الأمور بلغت بالفعل حدا لايطاق، ولا داعي لأي كلام عنها أو مع مطلقيها؟
مناسبة هاته التعاسة العابرة الهجمة “المضرية” الغريبة التي تعرض لها وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي عقب مروره من برنامج بالإذاعة الفرنسية “أوروب 1″.
لن أدافع عن الخلفي، فأنا أعرف من غيري بأنه “فران قنيطري/وزاني” يكفي حيا بأكمله، لكنني أجد نفسي مع تبادل الفيديو الخاص بالاستضافة وعبارات السباب المصاحبة لها ، ومصطلحات التشفي والشماتة من طريقة حديث الخلفي بالفرنسية، ملزما على الأقل بأن آخذ مسافة أنا ومن يشبهونني، من هذا الغباء المستشري الذي يتخذ إسم ووصف الصحافة كذبا وزورا وبهتانا خصوصا في مواقع الأنترنيت المختلفة.
كم كبير من الحقد، ومن الإساءة، ومن القدرة على إطلاق الكلمات الماسة بالإنسان، إلى حد فرض السؤال علينا جميعا : هذا العطب الداخلي فينا من أين نقتنيه؟ “منين كنشريوه؟”
أفهم، ونفهم جميعا ألا ينظر الكل بعين الارتياح إلى أداء الوزير في وزارته وقطاعه الذي يشرف عليه. أفهم أن ننتقده جميعا وأحيانا بقسوة، والأمر مندرج في إطار لعبة متفق عليها تسمى السياسة. أفهم أيضا أن تكون لدى البعض نزعات شخصية داخلية تجعله لا ينظر بعين الرضا إلى وزير شاب في عمر الخلفي وقد وصل إلى ماوصل إليه
لكنني قطعا لا أفهم أن يكون متنفسنا الوحيد للتعبير عن خيباتنا الشخصية والخاصة هو أن نسب من نعتبر أنهم نجحوا فيما نحن بقينا فاشلين.
هذا الكلام لاينطبق على الخلفي لوحده. هذا الكلام يهم كل الناجحين في ميادينهم الذين يجدون أنفسهم فجأة أمام كم وسيل مرعب من السب والشتم وكل مرة بمبرر مختلف، وبذريعة مختلفة مختلقة، علما أن السبب الوحيد والمبرر الأوحد هي هاته النزعة التدميرية التي تأكل دواخل البعض منا، وتجعلهم غير قادرين على تحمل نجاح واحد منا، وتفرض عليهم هذا الانخراط المجاني في شتم الناس وأصولهم وعائلاتهم وأعراضهم فقط للتنفيس عن الغيظ.
مأثور مبتذل لفرط استعماله يتحدث عن الأشجار المثمرة التي تقذف لوحدها بالحجارة، لكن هذا المأثور لا يكفي لحل الإشكال. هناك دور أساسي لأطباء النفس في البلد. أدخلوا إلى مواقع التواصل الاجتماعي. قوموا بإطلالة صغيرة. “ضربوا دويرة” مثلما نقول بمغربيتنا العميقة. ستكتشفون العجب. إفتحوا “الترانت سيس” و”بويا عمر”، و”برشيد” و”سبيطار مولاي اسماعيل” وبقية مواقع العلاج النفسي في البلاد.
أنجزوا مهمتكم يرحمكم الله، فليس معقولا أن يبقى كل هذا العدد من المخبولين بيننا يتجول بحرية إلى أن يمر يوما إلى ما هو أسوأ من المتنفس اللفظي.
ديرو خدمتكم أيها الدكاترة يرحمكم الله، ولا تنسوا وأنتم تعالجون المعتوهين، أمرا هاما: هذه مجرد ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق..
بقلم: المختار لغزيوي.