التاريخ والتأريخ غير متاحين لأي واحد، خصوصا إذا كان ممن يستهويهم عالم الليل ولا يترك لهم الفرصة للبحث والتمحيص، وكم كان صادقا ذاك الكاتب المغربي، الذي سألته أخبار الأدب المصرية، حول عدم كتابته للرواية فقال إنها تتطلب وقتا، ومتع الحياة لا تترك له هذا الوقت، فكيف تمكن بروكسي المتسكع بشوارع الرباط من تمحيص التاريخ حتى يعرف ما إن كانت قصة إدريس الأول حقيقية أم وهمية؟ لكن بنظر بروكسي عمر لا يوجد تاريخ حقيقي للمغاربة سوى تاريخ حركة 20 فبراير. لا ننكر أنه يوجد داخل هذه الحركة مناضلون شرفاء خرجوا من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية كما يفهمونها، لكن التاريخ الذي يتحدث عنه بروكسي ليس هو تاريخ هؤلاء قلة القلة ولكنه تاريخ المجون والبيع والشراء والعمالة للأجنبي ومحاولة زعزعة استقرار البلاد. لقد تبين أن الحركة، المرحومة، جمعت كل من له نزوات شخصية خارجة عن الاعتبارات الاجتماعية، من قبيل وكالين رمضان والشواذ جنسيا والذين يتعاطون المخدرات، ويكفي أن اثنين من مؤسسي الحركة معتقلان، واحد على ذمة ضبطه في حالة شذوذ جنسي بالشارع العام ومع قاصر، والثاني معتقل من أجل ترويج المخدرات حتى داخل صفوف الحركة. لنفترض أن مؤرخا في سنة 2040 أراد أن يكتب تاريخ الحركة ولم يجد أمامه سوى تدوينة عمر بروكسي فهل كان سيكتب الحقيقة؟ هل سيكتب أن حركة 20 فبراير ظهر ركبه كل من له مصلحة غير مصلحة الوطن؟ ظهر ركبته جماعة العدل والإحسان، التي مدت يدها للأجنبي في حركة مثيرة للغاية تشبه حركة الجيلالي الزرهوني بوحمارة؟ ظهر ركبته الحركات المعادية للثقافة المغربية والأصول التي درج عليها الآباء والأجداد. لقد جعلوا من الحركة عنوانا لممارسة التآمر في واضحة النهار، ويكفي أن السفارة الأمريكية سربت وثيقة استفادة قياديين في الحركة من تمويلات مشبوهة. ليس في الأمر شيطنة لحركة 20 فبراير ولكن لا يمكن رفعها لمرتبة القداسة. ومن أكاذيب عمر بروكسي ادعاؤه أن الحركة علمانية ديمقراطية، وهذا خطاب موجه للممول الغربي، بينما الحركة جمعت خليطا لا رابط بينه، فهل تؤمن العدل والإحسان والرميد وحامي الدين بالعلمانية؟
النهار المغربية