علي لمرابط، مدير موقع "دومان"، استيقظ على ضربة "خايبة"، ولم تحقق فرنسا غرضه، ناسيا أن فرنسا دولة وليست شخصا يتسكع على أبواب الخمارات، وللدول رؤى ومصالح ومقاصد، ولها أدوات وأساليب. لقد انزعج علي لمرابط كثيرا حتى أن ضجيجه سمعته الخلائق بل بكى بكاء لا يتم إلا على الميت، حيث أعلنت فرنسا موت شيطان الخيانة وقطعت عروق المرتزقة. كتب علي لمرابط يقول "فرنسا أهانت ضحايا التعذيب بتوشيحها لجلاد مزعوم"، وكنا ننتظر من علي لمرابط، المعارض الجمهوري، ان ينتفض ضد إهانة سيادة بلده مثلما فعل المرحوم عبد الرحيم بوعبيد، ولتغفر لنا روحه هذا التشبيه الاضطراري، الذي خرج من السجن مدافعا عن وحدة التراب الوطني ومثلما فعل اليوسفي، أطال الله في عمره، الذي وضع أربعين سنة من النضال في كفة ومستقبل البلاد لما نادته في كفة وكان وزيرا أول للملك الراحل الحسن الثاني رغم تاريخ من الصراع. لكن الكبير كبير والصغير ينظر إلى أنفه، واليوم ينظر إلى حسابه البنكي. ففرنسا لم تهن أحدا ولكنها أخطأت في حق المغرب واليوم جاءت لتصلح هذا الخطأ الفادح، الذي يعتبر تعديا على سيادة بلد مستقل، وكان على الجميع الدفاع عن هذه الاستقلالية حتى لو اختلفت حول طبيعة الحكم. لكن تركة الكلاوي وبوحمارة ونسلهما لا تنقطع. لكن لابد من وضع كل شيء في سياقه. فعلي لمرابط معذور فيما كتب. فهو ليس حرا. فعندما يكتب أي مقال أو يدلي بتصريح أو يكتب على "الفايسبوك"، يذهب مباشرة لأقرب بنك ليعرف كم دخل حسابه من "يورو"، وفي الواقع يعجبني علي لمرابط لأنه يبيع الكلمة غالية على عكس بعض الصحافيين الذين يبيعونها رخيصة. فالتصريح الصحافي له ثمن والمقالة لها ثمن، وعندما يتحدث فقط عن محيط الملك يقبض ثمنا وعندما يصعد يأخذ أكثر ووضع ثمنا خاصا بالكتابة عن المخابرات المغربية، وهكذا دواليك فالرجل يعمل بمعايير واضحة فلكل كلمة ثمنها. فالرجل كان على علاقة مع نوع من الإسبان، أولئك الذين يبحثون عن المعلومة المغربية ب"الريق الناشف" وأولئك المتعاطفين مع الحزب الشعبي اليميني المعادي للمغرب، لم يعاني بطالة لأنهم وجدوا له شغلا سريعا في مدريد، فأصبح "مخبرا حراكا"، واستغله أسياده الجدد وهم الذين وفروا له ثمن الرحلة إلى مخيمات تندوف ليمدح الخلاء مقابل عطايا مغرية. ولذلك سيستمر في الحديث عن التعذيب في المغرب مقابل الجنة في مخيمات تندوف، ويعيب على فرنسا إعادة علاقات متوترة الى طبيعتها. فهل هو مؤهل أصلا لفهم طبيعة العلاقات؟ طبيعي ألا ينصت على لمرابط لكلمة بيرنار كازنوف جيدا ويستوعب رسالتها ودلالاتها العميقة، بل لم يستوعب اللحظة ليعرف لماذا توشيح المغرب في شخص المدير العام للديستي. "الحر يفهم بالغمزة والعبد بالدبزة". فرنسا تعرف جيدا أنها أخطأت لما استغلت شكايات كيدية ضد مدير المخابرات، وتعرف أن المشتكين مجرد عصابة نصب واحتيال مفضوحة، وبالتالي ليس من مصلحتها أن تستمر إلى الأبد في لعب هذا الدور من المسرحية الذي أصبح مملا.