يكتب هشام بوشتي، العنصر السابق في المخابرات المغربية (مع حفظ الصفات) في صفحته على الفايسبوك ويتقاسمها معه القاضي محمد عنبر "وثيقة مسربة: إطلاق سراح دانييل غالفان كان نتيجة صفقة بين المخابرات الإسبانية ونظيرتها المغربية". وينشر صورة للوثيقة التي تحمل رقم ثلاثة بعد الوثيقة رقم واحد، التي زعم أنها مراسلة سرية من المخابرات المغربية، تتعلق بتعاون محمد الفيزازي، أحد شيوخ السلفية الجهادية لحظة اعتقاله، مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، والوثيقة رقم جوج، التي تتهم المغرب بدعم الإرهاب في الجزائر، وأفصحت عن لقاء بين ضباط مغاربة وجماعة إرهابية جزائرية. وكنا قد فندنا بالحجة والدليل هاتين الوثيقتين شكلا ومضمونا، إذ تأكد أن هشام بوشتي لا يمكن بكل المواصفات أن يكون ضابطا في المخابرات المغربية، لأن حمل هذا اللقب يحتاج سنوات من العمل وهو ما لا ينسجم مع سن الشخص المذكور، الذي يعتبر فارا من العمل لأسباب تعرفها الإدارة التي كان تابعا لها، ثم إن الوثيقة الثانية حملت تاريخ 17 مايو 2011، والمغاربة لا يستعملون مايو نهائيا، ناهيك عن شكل الوثيقة التي يستحيل أن تعود لجهاز أمني. أما وثيقة اليوم فهي أضحوكة كبيرة، لأنها تزعم أن ضباطا من المخابرات المغربية التقوا نظراءهم الإسبان، وتم الاتفاق على التعاون الأمني فيما يتعلق بمحاربة الجريمة والهجرة السرية والإرهاب. في هذه النقطة نكتة كبيرة، لأن ضباطا تقنيين لن يحسموا في موضوع كبير من هذا الحجم، فالتعاون الأمني بين بلدين قضية دولتين واستراتيجية كبرى. لكن المضحك أكثر هو بنود الاتفاق. فالإسبان سيقدمون للمغاربة معلومات مهمة عن شخصيات خطيرة، كما تزعم الوثيقة، وهم من معارضي النظام، وربما ممن يسعون إلى زعزعته أو قلبه، في حين سيكتفي المغرب بالعفو عن بيدوفيلي. فهل يوجد عاقل يصدق مثل هكذا حكاية؟ التعاون الأمني يتم وفق خطة استراتيجية وتكافؤ في العمل وهو لمصلحة البلدين وليس بلدا واحدا ولا يقوم على أساس تبادل مصالح صغيرة. طبعا سوف ننتظر من ويكيليكس الجزائر وثائق أخرى لكنها كلها مزورة، لأن هشام بوشتي غير قادر على تقديمها أمام خبرة للتأكد من صحتها، ويوجد من هو قادر على صنع ألف وثيقة تدينه هو شخصيا. تبقى نقطة مهمة جدا، فالمخابرات الجزائرية التي تعتبر هشام بوشتي عميلا مهما أبانت عن سذاجة كبيرة، يمكن أن تتعامل معه لكن ليس على أساس أن يمدها بوثائق لأن الجزائر سبق أن تابعت بوشتي بتهمة تزوير وثائق تعود للدولة الجزائرية وكان ثمن طي الملف أن يصبح عميلا لهم. لكن غباء هؤلاء دفعهم لتصديق وثائق يعلمون أن صاحبها هو منتوج تزوير وثائق لا غير.