استغل الإعلام الجزائري تصريحات سفير فرنسا بصدد العلاقات الثنائية بين المغرب وبلاد الأنوار محاولا تسميم هذه العلاقات التي ما فتئ ان انبعثت من جديد بإعلان الاتفاق الثنائي على التعاون القضائي. الإعلام الجزائري وبصفته بوقا جهْوريا لأسياده جنرالات الجزائر الذين يقبضون عليه كما يجثمون على كافة المؤسسات والمواطنين لا يمكنه أن يتناول التصريحات الأخيرة لسفير فرنسا بالشكل المغلوط الذي فيه العديد من الغايات لولا أن الإملاءات كانت إسقاطات عمودية من قصر مرداية الذي ضاق فيه الحكام واشتد غيضهم من عودة الروح إلى العلاقات المغربية الفرنسية وهم الذين سعوا إلى تسميمها والركوب عليها. فقد نفى الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية، رومان نادال، الجمعة، التصريحات التي نسبتها بعض وسائل الإعلام الجزائرية إلى سفير فرنسا في الجزائر بيرنار إميي، المتعلقة بالاستجواب الذي خص به وزير الشؤون الخارجية والتعاون صلاح الدين مزوار صحيفة "لوموند". وقال رومان نادال، في لقاء مع الصحافة، ننفي التصريحات التي نسبت من قبل بعض وسائل الإعلام لسفير فرنسا في الجزائر، والتي لم تنقل بشكل دقيق. وأوضح الناطق باسم الخارجية الفرنسية أن إميي أجاب، لدى سؤاله حول تصريحات مزوار لصحيفة "لوموند"، أن العلاقات بين فرنسا والجزائر لها منطقها الخاص، وهي مستقلة عن العلاقات بين فرنسا والمغرب، والتي نرغب أن تشهد انطلاقة جديدة، وإعادة الدفء إليها. والنقل الدقيق للمعلومات هو الآلية التي ألف الإعلام الجزائري أن يعتمدها بعيدا عن المصداقية والنزاهة والحرية وقداسة الخبر بأمر من القابضين على زمامه من المخابرات العسكرية والجنرالات. فإذا كان السفير الفرنسي بالجزائر، برنار إيميي، قد أصابته الدوخة لما تناقلته وسائل الإعلام الجزائرية خطأ وبشكل متعمد بشأن تصريحاته تعقيبا لما جاء على لسان وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار، فإن هذه الدوخة لم يجد لها الحكام الجزائريون المفترون من المسكنات ما يهدئ من روعهم وهم يتلقون الحقيقة على لسان الناطق باسم الخارجية الفرنسية يردهم إلى طريق الصواب ويعلن أنهم يركبون على الكذب لتنفيذ أجندة قذرة ليس تجاه المغرب وإنما تجاه كل شركائه الذين تربطهم به علاقات تاريخية متينة على العديد من الأصعدة وفي مقدمتهم فرنسا. إذا كان السفير الفرنسي ديبلوماسيا في تصريحاته تجاه ما قاله صلاح الدين مزوار وزير خارجية المملكة بشأن الدور الدنيء الذي لعبته وتلعبه الجزائر بالإساءة إلى المغرب"، مؤكدا أن العلاقات بين فرنسا والجزائر لها منطقها الخاص، وهي مستقلة عن العلاقات بين فرنسا والمغرب، والتي نرغب أن تشهد انطلاقة جديدة، وإعادة الدفء إليها، فإن الإعلام الجزائري بأمر من الحكام الجزائريين أبى إلا أن يكرس الدور الدنيء الذي ظلت الجزائر تلعبه في الإساءة للمغرب من دون أن تنال منه النزر القليل من نواياها الحقيرة تجاهه، فالإعلام الجزائري وهو يخوض في الموضوع على هذا المنوال الرجعي جعل من السفير الفرنسي مناوئا لإعادة الدفء للعلاقات المغربية الفرنسية وحال الحقيقة هو أن السفير كان منطقيا مع الواقع الذي تعيشه الجزائر التي تاهت في تناقضاتها وفي أزمتها السياسية والمادية والاقتصادية الخانقة وفي احتقانها الاجتماعي، وعرف كيف يفصل بين العلاقات الفرنسيبة الجزائرية القائمة على اعتبار الجزائر دولة مازالت محمية من طرف فرنسا إلى إشعار آخر وبين العلاقات المغربية الفرنسية التي يسيّجها منطق الروابط بين دولتين لهما سيادتهما وتسيّرهما سياسة رابح – رابح التي انتهجها المغرب منذ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس العرش مع جميع شركائه في كل العالم من المغرب العربي إلى الخليج وإلى أوروبا شمالا وأمريكا غربا وفي أدغال إفريقيا جنوبا. ما أراد الإعلام الجزائري أن يخفيه عن الرأي العام الجزائري والإقليمي وربما الدولي، بأمر من حاكميه، هو أن فرنسا فرانسوا هولاند بقدر جلالها ما كانت لتطأطئ الرأس للمغرب لولا تأكدها من صعوده السياسي والاقتصادي والاجتماعي صعودا جبله بالتقدير والاحترام الدوليين الواجبين له لأن استقراره السياسي ونجاعة مقاربته الأمنية وارتقاء مسيرته التنموية بارتقاء إصلاحاته الجوهرية، إذ إن فرنسا لم تتطلع إلى بعث علاقاتها وتوطيدها مع المغرب إلا إيمانا منها بأن بوصلتها أخطأت الوجهة وهي تراهن على الجزائر التي ليس لها في أزمتها مع البترول والاحتقان الاجتماعي ما تربحه بلاد الأنوار ولو عرض عليها حكام بلاد المليون شهيد مشاريع تزن ذهبا وتتعدى التنقيب عن الغاز الصخري أو تنفيذ أوراش السكة الحديدية وغير ذلك من المشاريع التي لن تجدي فرنسا من محميتها الأزلية التي خسرت كل شيء.