بتزامن مع وجود الملك محمد السادس في فرنسا، اختار الأمير "المنبوذ" إجراء حوارين مع وكالة الأنباء الإسبانية "إيفي" و جريدة "الباييس" يومي 31 دجنبر وفاتح فبراير 2015 على التوالي.
وزعم مولاي هشام أن التغيير كان ممكنا بعد وفاة الملك الراحل الحسن الثاني، لكن يبدو أن مولاي هشام "ضل الطريق" بعد وفاة عمه، كما كتب في كتابه هو نفسه، وعمت بصيرته، ولم ير كل التغيير الذي حدث طيلة 15 سنة من خلال أوراش كبرى سياسية واقتصادية واجتماعية، وهي أوراش لم يتم فتحها بضغط من جهة معينة وإنما نضجت على نار هادئة بعيدا عن ثورات "الربيع العربي" الذي صار خريفا، لأن للمغرب سياقه الخاص، ولأن المغرب دخل في مسلسل التغيير والإصلاح منذ خطاب الملك محمد السادس في أكتوبر 1999 حول "المفهوم الجديد للسلطة"، ولأن المغرب المؤمن حتى النخاع بالديمقراطية، لا يضره في شيء صعود حزب إسلامي أو متأسلم إلى الحكم، مادام يحترم الثوابت، ومادامت صناديق الاقتراع منحته الأغلبية.
و واصل الأمير مهمة البحث عن دور من خلال القول أنه ليس بمنفي ولكنه مستبعد، علما أنه اختار أن يرتدي منذ سنوات عباءة المعارض، واختار الولايات المتحدة لتكون منفى (اختياري) له، فيما اختار فرنسا وأسبانيا، منبرا ليبثّ من خلاله أفكاره وآراءه "المعارضة"، أما إمارة ليستنشتاين، التي تعتبر جنة ضريبية لإخفاء التحويلات المالية المشبوهة، فاختارها مقرا لمؤسسة بحثية تحمل اسمه ومهمة باحثيها الإساءة للمغرب ولمؤسساته والتشكيك في نزاهة المؤسسة العسكرية وتشويه صورة الأجهزة الأمنية المغربية.
وحاول الأمير "المنبوذ" أن يجد تبريرا أو تفسيرا لالتحاق الشباب بـ "داعش"، واعتبر أنه يعاني من الإقصاء والتهميش والضغط، وهو ما يجعله يبحث عن ظروف معيشية أفضل في مناطق التوتر... متجاهلا أنهم يخضعون لتأطير إيديولوجي رهيب يجعلهم يقدمون أرواحهم قرابين للتنظيمات الإرهابية، كما حاول أن يجد جذور الظاهرة في الغزو الروسي لأفغانستان والحرب الأمريكية على العراق، رغم أن هذا التحليل سطحي يكتفي بالظاهر من دون تفتيت بنية الظاهرة.
وأعاد الأمير "المنبوذ" نفس الأفكار التي كان يسوقها للولايات المتحدة الأمريكية، لأنه كان يريد أن يكون بمثابة العمود الفقري للحكم، لكنه وجد الأبواب مغلقة، فسقط أرضا، ومن الطبيعي أن يؤكد عدم رغبته في العودة إلى القصر الملكي.
ويرى "الأمير المنبوذ" وجوب خوض المغرب مع الجارة الاسبانية، في ملف سبتة ومليلية المحتلتين، ولو تطلب الأمر 150 سنة مقبلة، منتقدا في حوار مع جريدة الباييس الإسبانية بمناسبة نزول النسخة الإسبانية من "يوميات أمير منبوذ" صمت المغرب حول هذا الموضوع، الذي يعطي الانطباع بأنه تخلى عن المطالبة بسيادته المغربية على المدينتين المحتلتين، حتى لا يثير غضب إسبانيا، وهو موقف يدخل في باب الاستفزاز، لأن مولاي هشام يعلم علم اليقين أن المغرب، وبالضبط الملك محمد السادس، لن يتخلى على شبر من أراضيه.
ودعا إلى ضرورة استحضار الملف عبر ما أسماها الوطنية البرغماتية، معتبرا من الضروري اليوم إيجاد حل، مهما كان الوقت الذي سيتطلبه، داعيا إلى المطالبة بهدوء بالمدينتين اللتين تحت الإدارة الإسبانية، موضحا أنه في إطار حل النزاعات التي بين البلدين، ستظهر صيغة الحل عبر الحوار ولو تطلب الأمر مئة أو مئة وخمسين سنة.
و دافع الأمير عن الحكم الذاتي، حلا للنزاع ولكن في إطار القرارات الدولية، مع الأخذ بعين الاعتبار تطلعات ساكنة الصحراء. علما أن مشروع الحكم الذاتي نال اعترافا دوليا، ويحظى بدعم منقطع النظير.