عصام العباري
لاشك بأن صور الفساد والرشاوى التي تضمنتها فيديوهات رجال الأمن ، ما هي إلا واقع لا يشمل مؤسسة الأمن فقط ،بل عقلية وفكر مغربي ترعرع في كنف الفساد والنهب ، حتى صار الفساد وساما لبلوغ عتبات الشرف والمكانة المرموقة على المستويين السياسي والاقتصادي.
ولنعيد الامور لنصابها وألا نجعل من رجل الامن شماعة نعلق عليها ضمائرنا الميتة التي لا تحيا إلا عند الجوع ، أما إدا شبعت غنت وتغنت ووجدت للرشوى والحرام مسميات وتعليلات ، حتى يجد “كرش الحرام” نفسه في أريحية من امره .
من منا لم يجد نفسه يوما في وضعية مخالفة للقانون ، بين يدي شرطي يطالبه باداء الغرامة أو سحب الرخصة ، حتى يصير لسانه رطبا بطلب العفو ، والبحث في أجندته عن صديق شرطي ينقده من ورطته ، وما إن يتفهم الشرطي وضعه “ويدير بوجه الشرطي الاخر “، حتى ينطلق لسانه في المجامع سبا في الشرطة والشرطيين ، مستعرضا نمادج تسيء بدل أن تحسن للجهاز الامني.
الحرام ذو أوجه ربما الشرطي جسده في وجهه المكشوف ،أما البعض فلا يتوانى عن الفساد والنهب بطرق ملتوية ، فليسأل الموظف نفسه هل يؤدي ما عليه من ساعات العمل القانونية دون أن يترك سترته فوق كرسيه لتجده بركن المقهى المقابل للادارة، يتحدث عن فساد حكومة ، وليسأل الرأسمالي ومدير الشركة نفسهما ،عن عرق العاملين وتهرباته الضريبية والبحث الدائم عن محاسباتي يجيد اللعب في الارقام الضريبية .
ولا ننسى حتى ذاك الفقير الدي يخرج الى السوق ولا يتوانى في أن ينهب ولو بطاطا من عربة البائع وصور كاميرات المحلات التجارية شافية وكافية لنعلم عن أي مجتمع اصبحنا نتكلم عنه .
مرورا بشباب عاطل مناضل عن حقه في التوظيف ، لتجده بعد سنة من وظيفته لا يتحرج في أخدها (الرشوة)من تحت الطاولة ، ونسي بأن تأخره عن الوظيف كان بسبب فساد اداري، ومنطق الوساطة للأقربين.
انها أزمة قيم واخلاق ، وما نعيشه اليوم من موجة لفضح أوجه الفساد ، ما هي الا صورة لنا اولا لنكتشف واقعنا ونحاربه بأنفسنا .