قالت عمدة العاصمة الفرنسية، باريس، آن إدالغو، إنها تقدمت بطلب ملاحقة قانونية ضد تلفزيون فوكس الإخباري، بعد تغطية بعنوان "مناطق مسلمة بفرنسا مغلقة أمام الشرطة". وأضافت إدالغو في مقابلة مع CNN هي الأولى لها بعد هجوم شارلي إيبدو: "عندما تتم إهانتنا فعندها علينا المطالبة بملاحقة قانونية، وأعتقد أن علينا الذهاب للمحكمة لإزالة مثل هذه الكلمات.. صورة وشرف باريس تم التحامل عليهما". ويشار إلى أن تصريحات إدالغو جاءت بعد تقرير فوكس الذي أشار إلى أن "بعض الأحياء ذات الأغلبية المسلمة في فرنسا، يتم تطبيق الشريعة الإسلامية فيها، وهي مقفلة أمام الشرطة ويستحيل الدخول إليها". من حق فرنسا أن تقاضي القناة المذكورة إذا رأت فيما بثته إهانة لها. ومن حقها أن تحتج على ذلك. ولا أحد يريد أن يتحول الإعلام إلى مصدر لتغيير الحقائق وتحريفها، من أجل تأليب الرأي العام ضد هذا البلد أو ذاك. لكن لماذا تعيش فرنسا هذا الانفصام الخطير؟ لماذا تحب لنفسها ما تكرهه لغيرها؟ لماذا تسمح بإهانة الغير إذا كان الفعل نفسه يزعجها؟ إذا كانت لا ترضى أن تقوم قناة بإنجاز روبورتاج عن مناطق باريسية تعتبره مغرضا فلماذا تقبل أن يقوم الإعلام المحسوب على الرئاسة أو وزارة الخارجية ببث الأكاذيب عن دول أخرى؟ أليست هذه قمة الشيزوفرينا؟ ألا يعتبر هذا ازدواجية في المعايير؟ لقد أصبحت فرنسا ومنذ مدة منخرطة في سلك الدول التي تعاني من الازدواجية في السلوك السياسي والديبلوماسي. فالإرهاب لما كان يضرب سوريا، كانت باريس من داعميه ومؤيديه، حيث سلحت ومولت وفتحت الأبواب للجهاديين لعبور أراضيها والتوجه نحو تركيا ومنها إلى سوريا، غير عابئة بأن هؤلاء سيقتلون المجتمع السوري وسيدمرون بنياته التحتية، وأنهم تسببوا في تسعة ملايين نازح، وتعرف أن هؤلاء لن يغيروا من معادلة الحكم شيئا. هؤلاء تسميهم فرنسا الثوار والجيش الحر وغيرها من العناوين المضللة، وهم ليسوا سوى جبهة النصرة وداعش وحركات تكفيرية وإرهابية أخرى تحت مسميات مختلفة. لكن لما قام ثلاثة أشخاص بالهجوم على شارلي إيبدو ومركز تجاري، وذهب ضحية ذلك 17 شخصا، أصبح ذلك إرهابا، وجمعت زعماء العالم لتنظم مسيرة الجمهورية لإدانة الإرهاب. فالإرهاب إرهاب أينما حل وارتحل، وازدواجية المعايير هي التي أدت إلى تراجع نفوذ الديبلوماسية الفرنسية. عود على بدء. عمدة باريس تقرر مقاضاة فوكس نيوز. وذلك من حقها. لكن نريد أن نقول لها إن فرنسا تعاني من انفصام خطير. فلما تقم قناة أمريكية بإنجاز روبورتاج عن منطقة بفرنسا يعتبر ذلك خرقا لميثاق الصحافة وقوانينها، لكن لما يتم تجييش القنوات الفرنسية المحسوبة على الحكومة، ضد المغرب فذلك يدخل ضمن حرية التعبير. ففرنسا تستدعي المجرمين والقتلة والنصابين ليمروا من قنوات عمومية، مثل قناة فرانس 24 التي تعبر عن وجهة نظر وزارة الخارجية الفرنسية.
إفتتاحية النهار المغربية.