بدأت الإشاعات تتناسل، والأكاذيب تجد طريقها إلى صفحات المواقع الإلكترونية والصحافة الورقية. في هذا السياق نشرت "لوفيغارو" مقالا تدعي فيه أن المغرب يطلب الحصانة لمسؤوليه لإعادة تفعيل اتفاقية التعاون القضائي والأمني بين المغرب وفرنسا.
ويأتي الترويج لهذه المزاعم بعد الإعلان عن قيام وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار بزيارة لباريس، الجمعة المقبل، للقاء بوزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس لتذويب الجليد على العلاقات بين البلدين، والبحث عن سبل لتطبيعها بما يراعي سيادة ومصالح وكرامة الطرفين، خاصة بعد ارتفاع العديد من الأصوات، داخل فرنسا نفسها لإعادة الدفء للعلاقات بين باريس والرباط، خاصة بعد الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها عاصمة الأنوار.
المغرب لا يطلب من فرنسا أن تتصدق بالحصانة على مسؤوليه، لأن مسؤوليه ليسوا مجرمي حرب، كما قد يتوهم البعض أو يحاول إيهام الناس بذلك لعدة اسباب:
أولا: أن القانون المغربي نفسه لا يمنح الحصانة لأحد، بل إن دستور فاتح يوليوز 2011 ربط المسؤولية بالمحاسبة، وجرم التعذيب.
ثانيا: أن المسؤولين المغاربة، ليسوا مجرمي حرب حتى يتسول لهم بلدهم الحصانة، بل أشخاص يتحملون المسؤوليات المكلفين بها، في احترام تام للقوانين الجاري بها العمل، وليسوا بمنأى عن المساءلة في المغرب قبل فرنسا، و حالة وزير الشباب والرياضة أكبر شاهد على ذلك.
ثالثا: أن فرنسا لأسباب يعرفها جيدا قصر الإليزي و قصر ماتنيون أكثر من غيرهما اختارت أن تحرك شكايات بتعذيب مزعوم تقدم بها أشخاص سبق أن أدانهم القضاء المغربي في جرائم تتعلق بالحق العام، وسكتوا دهرا قبل أن يتحركوا في وقت واحد لوضع شكايات، تلقفها القضاء الفرنسي بسرعة فائقة، وأصدر تعليماته للشرطة القضائية لتتحرك بعجلة إلى إقامة السفير المغربي من أجل تبليغ استدعاء، في وقت كان يستضيف فيه صحفيين، من دون مراعاة للأعراف الدبلوماسية، ومن دون المرور عبر القنوات الطبيعية التي اعتادت العبور منها دائما، مما يعني أن وراء الأكمة ما وراءها.
رابعا: أن القرار الذي اتخذه المغرب بتجميد التعاون القضائي... وبعده الأمني كنتيجة طبيعية، هو بمثابة أقل رد على الاستفزاز الفرنسي.
خامسا: أن وزير الخارجية المغربي، الذي من المرتقب أن يتوجه إلى باريس، الجمعة القادم، خضع لتفتيش مدل بالمطار من طرف الأمن الفرنسي، بالرغم من صفته الدبلوماسية، وهو ما يعني أن هناك سوء النية، وسبق إصرار وترصد في الإساءة إلى المغرب والمسؤولين المغاربة.
سادسا: أن من جق المغرب أن يمارس سيادته القضائية والدبلوماسية، وأن من حقه أن يطالب بمراجعة أية اتفاقية أو إعادة النظر فيها أو إنهائها مع فرنسا وغيرها، مع دامت بنودها أصبحت تتعارض مع مصالحه، لأن موادها ليست كتابا منزلا من السماء.
وفي الختام، فإن ما تريد أن تفعله فرنسا مع المغرب، هو تماما مع أراد الذئب أن يفعله مع تيس، إذ يحكى أن "عتروسا" كان يسير في الطريق، وكان ذئب يسير وراءه، ولم يجد أي مبرر مقنع من أجل أن ينقض عليه، وفجأة صاح فيه : " قزابتك تطير علي الغبرا أعمي العتروس ( علما أن ذيل العتروس بعيد عن الأرض)، فقال له: " غادي نخرج من الطريق". فرد عليه الذئب: " خروج الطريق لي ما بغيناش".
غير أن المغرب لن يرضح لاستفزازاتها ( فرنسا).