عملت إسبانيا في الشهور الأخيرة على تمثين علاقاتها الثنائية مع المغرب في مجال الأمن، وذلك إيمانا منها بالقدرات الأمنية والكفاءات الاستخباراتية المغربية الفعالة والناجعة التي بمقدورها احتواء كل الأخطار المحدقة، ليس بالمنطقة المغاربية التي يوجد بها المغرب وإنما بجنوب القارة العجوز التي تعتبر إسبانيا بوابتها الأولى، وفي مقدمة هذه الأخطار المد الإرهابي الخطير الذي أبدت السلطات الأمنية المغربية بكافة أجهزتها نجاحا كبيرا في التصدي لكل عملياته بصرامة وإحباطها في مهدها عبر خطط استباقية غاية في الدقة مكنت السلطات المغربية من تفكيك العديد من الخلايا التي كانت في الطريق إلى تنفيذ عمليات إرهابية خطيرة سواء بالمغرب أو خارجه بالدول المجاورة سواء بإفريقيا أو أوروبا وفي مقدمتها إسبانيا وفرنسا.. تمثين العلاقات الثنائية بين المغرب وإسبانيا في مجال الأمن والاستخبارات الذي جاء بمفهوم رابح -رابح في التصدي للإرهاب والجريمة المنظمة وركزت فيه إسبانيا على الاستفادة من الخبرة الأمنية المغربية، زكّاه إقدام السلطات الإسبانية، في أكتوبر الأخير، على توشيح عبد اللطيف الحموشي المسؤول الأول عن المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني المعروفة اختصارا بالديستي، (توشيحه) بوسام الاستحقاق الشرفي للأمن بتميز أحمر، وهو أعلى التوشيحات التي تمنح من إسبانيا لشخصيات أجنبية تقديرا على تميزها وسمو الأعمال التي تقوم بها في ميادين تخصصها. توشيح إسبانيا لعبد اللطيف الحموشي الذي جاء ثمرة تمثين التعاون الثنائي المغربي الإسباني في الميدان الأمني جاء كذلك في الوقت الذي ركبت فرنسا صهوة العناد المجاني في علاقاتها مع المغرب، ليس على الصعيد الأمني والاستخباراتي وحسب، وإنما على الصعيد الديبلوماسي كذلك، حيث حكم عليها هذا العناد الصبياني بالدخول في عداد النادمين و المتحسرين، بسبب استدعاء القضاء الفرنسي في مارس الأخير لنفس المسؤول الأمني (عبد اللطيف الحموشي) الذي تم توشيحه من طرف السلطات الإسبانية، استدعاء خارج الأعراف الدبلوماسية، في إطار سياسة "لي الأذرع" التي أرادت أن يلعبها الإليزي بقيادة فرانسوا هولاند للضغط على المغرب الذي تجاوز فرنسا إيجابيا بعدما انفتح على شركاء أكثر قوة وحضورا في العالم وبعدما أضحى مستثمرا اقتصاديا وفاعلا تنمويا كبيرا على أسواق خارجية في القارة الإفريقية والخليج العربي، من دون الحاجة إلى شريك تاريخي تمزقه تداعيات الأزمة الاقتصادية و المالية العالمية كما تمزقه مرجعياته السياسية المرتبطة بالفكر الشيوعي والاشتراكي الذي أكل عليه الدهر بنهاية الاتحاد السوفييتي وسيادة البروسترويكا. لا شك أن كل فرنسا ومعها فرانسوا هولاند، ، وهي تعيش اليوم على تداعيات الضربة الإرهابية التي كشفت ضعف سياسات بلاد الأنوار الأمنية في مكافحة الإرهاب، تعض على النواجذ من حسرتها وندمها الكبيرين على "التفريط" في شريك أمني استخباراتي من العيار الثقيل من قبيل المغرب الذي أصبح مرجعا أمنيا تتهافت كبريات الدول على تمثين العلاقات معه في المجال الأمني والاستخباراتي حيث كسب العديد من التجارب. ولا شك كذلك أن محور الرباط مدريد بعلاقاته الثنائية القوية على أكثر من صعيد، وبالخصوص على الصعيد الأمني المبني على الثقة، وهو المحور الذي إن جاء في سياق رد صريح على خطإ فرنسا الجسيم وغير المدروس في حق المغرب، فإنه (محور التعاون) أصبح يستهوي كل مكونات فرنسا في إطار الدعوات المتكررة للعديد من رجال السياسة الفرنسيين وكبار الخبراء في المجال الأمني بأوروبا والعالم التي تؤكد على بعث العلاقات الأمنية مع المغرب، خصوصا أن فرنسا هولاند التي أقدمت على "توقيف" عبد اللطيف الحموشي في إطار اتهامات كيدية هي فرنسا التي وشحت بدورها هذا المسؤول الأمني في 2011 بوسام الجمهورية من درجة فارس من طرف رئيس الجمهورية الفرنسية نفسه.