بقلم خالد أخازي
في عز الاتحاد السوفياتي، يحكي رفيق قديم، أنه جالس روسياٌ يقاسمه أقداح الفودغا، وكانت زوجة الروسي تملأ لهما الكؤوس على إيقاع موسيقى روسية راقصة وصاخبة، توزع الابتسمات، لكن "الرفيق" اختلطت عليه الأمور، وظن أن الحسناء الروسية "سهلة"، ومتاحة، فزاد في الاهتمام بها، و "تحرش بها"، فكان أن دخل الروسي غرفته و أخرج "كلاشينكوف"، وكاد أن يردي "الرفيق" قتيلا دفاعا عن شرفه.
وشاءت الظروف أن يقاسم علماني آخر شِلَّة من البلجيكيين حفلا خاصا، صديقنا كان مثقفا كبيرا، وشاعرا، يتكلم في جل المواضيع، من الذرة إلى الكوانتا، من بروس إلى رامبو، ويعرج على دوستوفسكي، ويقف كثيرا عند نيتشه، وسيجارته لا تفارق شفتيه، في حمأة "النشاط" راقص إحدى الشقراوات، وكان أصهب، وسيما....وعلى مائدة العشاء، خاطبته " أنت يا وسيم يا...".
صاحبنا الشاعر، انتشى، وفتنته عبارة الشقراء، لدرجة التخدير، والتقط المجاملة بغرائزه، لا بعقله، ليتراجع نيتشه في عقله بعيدا في منطقة مظلمة، وظن أنها تغازله، وأنها تعشقه، فهمس في أذنها وهو يشد على خصرها "أراك الليلة"، فكان رد الحسناء البلجيكية "لقد قلت إنك وسيم، ولم أطلب منك المضاجعة"... "صحا" صديقنا، و أدرك أن عليه أن يراجع مفاهيمه حول " العلمانية"..
الخلاصة، أن بعض العلمانيين من المغرب، لا يفرقون بين التحرر والتفسخ، بل إنهم أحيانا "أبيقوريون" لدرجة "المسخ" ولا مبرر لنزواتهم و تفسخهم غير يافطة أنا علماني....باسم العلمانية أحيانا يبرر البعض شبقه، ورعونته، وفوضاه.....للأسف ليس الفوضوية كمذهب ـ بل فوضاه الداخلية.
يفهمون من العلمانية، البهيمية، والفوضى، وتبادل العشيقات، وإطلاق عنان الشبق...وأكثر العلمانيين مناضلون ....محاضرون في الأسرة "الطائشة" وعلى مشارب "الحانات"....
عصيد من العلمانيين، الذي اختلطت عليه مفاهيم التحرر بمفاهيم التفسخ، عقد قرانه على شاعرة أمازيغية" في معبد لا يوجد إلا في خياله، وبمباركة إلـه، صاغته ذهنية تاريخية قد نفهم مخاوفها وحدود فهمها المعرفي للكون والطبيعة في السياق الحضاري للتاريخ المغربي.
هكذا إذن يقلب بعض المغاربة المفاهيم رأسا على عقب، و"يمسخون" الأفكار والمذاهب...ويغربلونها بغربال "النزوة" عسى أن يجدوا فيها ما يشرعن "طيشا" و تعددا "غير ديني"...للأسف فحتى العلمانيون لهم مرجعيتهم في التعدد، و تغيير النساء، اللواتي يتم استلابهن وسبيهن في الفضاءات العامة والحانات. .
العلمانية، صديقي عصيد وكما تدرك وأنت مؤهل لذلك، أكبر بكثير من نزوة على فراش نلتمس لها مبررا في معبد الحرية.. العلمانية، تأسست على تعاقد حقيقي بين الدولة والمواطنين، وقطعت مع سلطة الدين، "الكنسية"، وأنت اليوم ..، أعلنت زواجك باسم دين يعود إلى أقدم الحقب، أكنت ساخرا؟ فليكن.....لكن على الأقل كن أمازيغيا....كن الرجل الحر، الأبي، الشهم، القادم من تاريخ أمازيغي، له منظومة قيم تكرم المرأة، وترفض الزنا، وترفض "الرعونة"....راجع معي أعراف القبائل الأمازيغية ، وقل لي .... ما عقوبة من يتخذ زوجة الآخر زوجة له...أو عشيقة؟
أن تكون علمانيا....صديقي يعني أن تكون قادرا على الدفاع عن الحرية.... التحرر وشتان بين التحرر والتفسخ، أن تكون أمازيغيا ....يعني قبل كل شيء أن تكون شهما، كريما، أبيا....عفيفا.....تكرم المرأة، وتؤمن بالأسرة وتحافظ على أواصرها.... فهل في تاريخنا الأمازيغي الذي نعتز به ما يبرر مضاجعة زوجات الآخرين بمباركة إلـه تلاشى مع الزمن....؟