صنف مكتب الاستشارة البريطاني "كنترول رايسكس" المغرب ضمن البلدان ذات المخاطر المنخفضة، إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وبريطانيا واليابان وكوريا الجنوبية، متقدما على جارته إسبانيا، التي تم تصنيفها ضمن الدول ذات المخاطر المتوسطة، والجزائر التي لم تبرح مكانتها حيث توجد ضمن الدول ذات المخاطر العالية. ويعتمد التقرير في إنجازه على خبراء بيدهم أدوات مرتكزة على معايير عالية في التقييم، ويبقى المغرب دائما في نقطة مهمة لا ينزل عنها، وتتعلق أساسا بالاستقرار السياسي، وراكم بالإضافة إليها نقطا مهمة في الاستقرار الأمني. التصنيف المذكور ليس "خضرة فوق طعام" كما يقول المغاربة ولكنه دليل موجه لكبرى الشركات والمقاولات حتى تعرف وجهتها في العالم، أي أن دليل الأمن والاستقرار السياسي هو نفسه دليل الاستثمار في العالم، حيث لا يمكن المغاربة بالرأسمال في بلدان لا تعرف نوعا من الاستقرار السياسي والأمني. فظروف الأمن والاستقرار والسلامة من المخاطر التي اعتبرها التقرير حافزا قويا للانتعاش الاقتصادي في السنة المقبلة، ستخدم الاقتصاد المغربي بداية من يناير المقبل حيث ستتدفق على المملكة دون باقي الدول في المغرب العربي ومنطقة "مينا" العديد من الاستثمارات الأجنبية المتنوعة، بشكل تتجاوز فيه هذه الاستثمارات تلك التي تم تنفيذها في العديد من الدول النامية في شرق آسيا والخليج العربي. فالدور حاليا على الحكومة، فهي التي ينبغي أن تضع الخطط لاستثمار هذا التصنيف، وإلا سيتبخر مع الوقت، حيث لابد من تهييء الأرضية الصلبة والعمل على جلب استثمارات، مادام المغرب يتوفر على مؤهلات استقبال الاستثمار فعلى الحكومة أن تكون في المستوى من حيث تهييء البنيات التحتية، ومن حيث تسهيل الإجراءات القانونية، التي تعتبر أحيانا أهم معرقل لجلب الاستثمار الأجنبي. ويعتبر هذا التصنيف فرصة كبيرة لتنويع الاستثمارات الأجنبية، حتى لا تبقى الوجهة واحدة، وهي فرصة للحكومة لتنويع مداخيلها بدل العودة إلى جيوب المواطنين كل وقت وحين، وكلما عجزت عن تحقيق توازنات مالية فرضت إجراءات زائدة أو فرضت زيادات في الأسعار تثقل كاهل الأسر الفقيرة. وعلى الحكومة أن تعرف أن هذا التصنيف جاء نتيجة مجهودات جبارة وتاريخية، وبالتالي لا يمكن التفريط فيه أو التعامل معه بشكل استهاني وكأن لا شيء وقع. فالتصنيف جاء خلاصة مجهود كبير، قام به المغرب على امتداد سنوات طويلة، حيث لم يأت مع "الريح" ولكنه بناء طويل الأمد. ليس مهما من ساهم في هذا البناء لكن المهم هو معرفة أن الاستقرار عنوان كبير، ينبغي الحفاظ عليه، وليس هدفا في حد ذاته ولكنه مقدمة للتنمية القوية والعادلة ومقدمة لجلب الاستثمارات القادرة على خلق فرص الشغل بشكل كبير. والاستقرار الأمني جاء نظرا لعمل شاق قامت به الأجهزة المكلفة بمحاربة الجريمة والجريمة المنظمة والجريمة المالية والابتزاز ومحاربة الجريمة الإرهابية، التي كان أعضاء من الحكومة يشككون في مجهوداتها، وها هي الشهادة تأتي إلى من يعنيه حقيقة الاستقرار في بلدان العالم لأنه يريد توجيه مستثمريه. فهل ستكون الحكومة في مستوى استثمار هذه الفرصة وهذا التصنيف أم ستخرج لتقول إنها هي من يقف وراءه؟
النهار المغربية