مرة أخرى قررت جريدة "الوطن" الجزائرية الخوض في الشأن المغربي من خلال الركوب على ما سمته منع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان من السفر للمشاركة في الملتقى المغاربي لحقوق الإنسان في دورته الثالثة المنظم من طرف مركز التوثيق والإعلام في حقوق الإنسان في بجاية بالجزائر ، والذي ختم أشغاله الأربعاء الماضي.
وفسر نائب رئيس المركز سعيد الصالحي هذا المنع بمعاقبة ما سماه "المخزن" للجمعية على مقاطعتها للمنتدى الثاني لحقوق الإنسان الذي احتضنته مراكش أواخر الشهر الماضي.
ويستدعي هذا التفسير البليد الإدلاء بمجموعة من الملاحظات.
أولا: أن الجمعية نفسها لم تصدر أي بلاغ في هذا الموضوع، تزعم فيه كعادتها منع أعضائها من السفر، فقد اعتادت الجمعية أن لا تترك أية كبيرة ولا صغيرة من دون " أن تصنع من حبة قبة" حتى ولو تعلق الأمر بمنع نشاط عادي قرر فرع نائي تنظيمه في قرية، ولو لم تحترم المساطر القانونية الجاري بها العمل لتنظيم هذا "النشاط".
ثانيا: أن حرية التنقل مضمونة بمقتضى الدستور، ولم يحدث قط أن منعت السلطات في المغرب مواطنا من السفر إلا إذا تبين أنه يعتزم السفر من أجل الالتحاق بتنظيم إرهابي أو جماعة متطرفة، ولا تردد ( السلطات) في الإعلان عن إيقافه وإحالته على القضاء وفق القوانين الجاري بها العمل.
ثالثا: أن المغرب ـ من باب احترام مبدأ حرية تنقل الأشخاص والبضائع ـ لم يمنع انفصاليي الداخل من المشاركة في الجامعة الصيفية لـ "البوليساريو" في بومرداس بالجزائر الصيف الماضي، فكيف له أن يمنع أعضاء جمعية حقوقية معترف بها من السفر.
رابعا: أن استمارة مغادرة التراب الوطني لا تتضمن أية خانة تطلب من المسافر تبيان أسباب السفر ، حتى ولو كانت الوجهة هي الجزائر العاصمة، فكيف تمكن "المخزن" من معرفة وجهة أعضاء الجمعية المغربية لحقوق الإنسان.
لا شك أن الالتباس المقصود هو الذي يجعل الصحافة الجزائرية تتعمد سوء النية في التعامل مع قضايا المغرب. كما أن دستور المغرب واضح كل الوضوح ولا يحتاج إلى المراجعة التي يحتاج إليها الدستور الجزائري.
وعليه نقول لـ "الوطن" الجزائرية ما قاله الله تعالي: " يا أيها الذين أمنوا إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة...".
والجهالة هنا لا تشمل " الوطن" وحدها بل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أيضا.