لو علم المهدي المنجرة رحمه الله، أن إذاعة مغربية خاصة ستضعه يوما في استفتاء شخصية السنة رفقة الشاب الوديع سعد المجرد صاحب تحفة “نتي باغية واحد” لما درس المستقبليات، وكلف نفسه عناء دراسة شيء آخر يبحر فيه.
العالم الكبير، والحبر المتميز سيتحرك كثيرا في قبره، وسيفهم أنه لم يفهم في المستقبليات “الذي بعث” لأنه لم يتوقع ولم ير ولم يستشرف اليوم الذي سيصبح فيه منافسه على لقب شخصية السنة في المغرب هو سعد.
ومع الاحترام التام والكامل والدائم لشاب مثل سعد المجرد يتوجه إلى شريحة من الشباب، تحب أغانيه وتحب الرقص والنشاط معه، إلا أن الخطأ ليس خطأ المغني إبن الفنانين الرقيقين البشير عبدو ونزهة الركراكي، ولكنه خطأ الجاهل أو الجاهلة الذي لم يتورع عن وضع المجرد والمنجرة في سلة واحدة.
ولو ارتكبت هاته الإذاعة الخاصة جريرة تخصيص ميادين معينة للمنافسة حول هذا اللقب الذي أصبح مبتذلا لفرط إفراغه من معانيه، وقالت إن سعد ينافس للفوز بلقب شخصية السنة في مجال الغناء وأن المنجرة رحمه الله – الزغيبي – ينافس في مجال الفكر أو الثقافة أو أي “قرينة كحلا” مشابهة، لقلنا نعم وصرفنا النظر عن التفاهة كلها، لكن المشكلة هي أن الإذاعة البيضاوية الفتية وضعت الرجلين معا في نفس الخانة وقالت للناس صوتوا وأعطونا أصواتكم و”ديرو معانا يديكم الله يجازيكم”.
البعض سيرى في الأمر شيئا لايستحق كل الغضب الذي قابله به جمهور الأنترنيت المغربي، لكنني أرى في هذا الغضب علامة حياة، ودلالة انتصار لكبارنا الحقيقيين.
نعم، قد ينسى الشباب أن يقرؤوا وأن يطالعوا لكنهم لا ينسون التمييز الجيد بين القامات والهامات.
وبالنسبة لكل من عبر عن غيظه وغضبه من هذا الاقتراف الرديء الرسالة واضحة: كبارنا خصوصا منهم الحقيقيون قدموا لهذا البلد الشيء الكثير وأمضوا العمر الطويل ينحتون في مجالات إبداعهم وتميزهم، ومن العيب أن نضرب كل ماقدموه في لحظة عابرة، وأن نمحوه بجرة قلم من خلال إنزالهم من مستواهم الكبير الذي هم فيه إلى مستوى جد ضحل نفرض فيه على الناس أن تقتنع بأن البقر متشابه علينا وأن “كلشي بحال بحال”، وأنه “الله يخلي غير الصحة والسلامة وصافي”.
لا “كلشي ماشي بحال بحال”، و”لهلا يخلي شي صحة ولا شي سلامة” إذا كنا سنسيء لبلدنا بهذا الشكل الصغير، والمقامات محفوظة، وهذا الشعب أعطى مرة أخرى الدليل بانتفاضه ضد استفتاء هاته الإذاعة المخجل أنه يعرف جيدا التمييز بين الأمور، وأمدنا بدليل حياة وببرهان قوي على أنه شعب بذاكرة وأنه ليس من الممكن أن تمرر عليه “التراكس” بأي مبرر من المبررات وبأي صوت من “الأصوات”.
يبقى الآن رد فعل هاته الإذاعة وهي إذاعة “أصوات” على مااقترفته، وكيف ستتصرف؟
العقل السليم والمنطق السويان يقولان بأن إصلاحا سريعا وفي الحال وللتو واللحظة لهذا الاستفتاء المعيب يجب في الحال، وأنه من الضروري توضيح ملابسات وضع إسم مثل المهدي المنجرة الكبير في منافسة مع سعد المجرد.
هذا إذا توفرت النية السليمة، وتم الاعتراف بالخطأ وسيكون الأمر لصالح الإذاعة التي ستكبر في أعين مستمعيها والمتتبعين.
في حالة العكس، أي في حال الإصرار على العزة بالإثم، لا كلام لدينا إلا المزيد من التأفف والتعبير عنه بكل الكلمات وكل الوسائل إلى أن يفهم هؤلاء القوم أن تزوير التاريخ والمساس بالذاكرة لن يكون سهلا إلى هاته الدرجة
سعد المجرد ينافس المهدي المنجرة على لقب شخصية السنة؟ سيروا آش بغيت ليكم؟
والله مانقدر نقولها…هانا مشيت
زاوية تقترفها : سليمة العلوي