ضعوا أيديكم على قلوبكم، قبل أن تعلموا أن منظمة العفو الدولية " أمنستي" في نانسي الفرنسية، اختارت في أطار حملتها التي تحمل شعار" اوقفوا التعذيب" استضافة "المناضل" في النصب والاحتيال زكريا المومني، ليتحدث بصفته "معتقلا سياسيا سابقا في المغرب" عن تجربته وشاهد زور، يوم الاثنين 8 دجنبر المقبل، على قناة اذاعية جامعية -لا يسمعها أحد- تدعى " قناة أمنستي للشباب" بحسب ما أورده الموقع الاخباري المعروف بعدائه للمغرب " دومان أونلاين" لصاحبه علي المرابط.
قلنا في البداية، ضعوا أيديكم على قلوبكم، لأننا نعلم مسبقا بأن كل ضمير حقوقي حي في العالم، سيتساءل معنا كيف يصبح النصّابون معتقلون سياسيون وبأي حقّ تتم كلّ هذه الآثام؟
ومن المؤكد أنهم سيضربون كفّا بكف شامتين، من هذا الحضيض الذي نزلت اليه "أمنستي" و خروجها الخطير عن خطّها المبدئي الذي تأسست من أجله في الستينيات من القرن الماضي، وكيف لها بعد أن سمح خطّها التحريفي، بأن تصبح هيئة مختصة في تسييس حقوق الانسان ومبادئها السامية وخاصة ضدّ الشعوب والحكومات في الدول النامية..؟
كيف لها - بكلّ ألم ووجع للضمير الحقوقي المبدئي فعلا وقولا- أن تصبح أكبر منظمة دولية في تمييع المفهوم والمبادئ الحقوقية للبشرية وبطبيعة الحال كأول مساهمة حيوية بتقاريرها وأنشطتها عبر العالم، في التراجع الملحوظ الذي يعرفه احترام هذه الحقوق كونيا..؟؟
ان الانزلقات الخطيرة ل"أمنستي" عن الخط العام للاعلان العالمي لسنة 1948 في مجال حقوق الانسان، يدفعنا الى تذكيرها أولا بنداء الجمعية العامة آنذاك، وفي ديباجة الميثاق نفسه القائلة: ينبغي أن يستهدف (الاعلان) كافة الشعوب والأمم حتى يسعى كل فرد وهيئة في المجتمع، واضعين على الدوام هذا الإعلان نصب أعينهم، إلى توطيد احترام هذه الحقوق والحريات عن طريق التعليم والتربية واتخاذ إجراءات مطردة، قومية وعالمية، لضمان الاعتراف بها ومراعاتها بصورة فعالة بين الدول الأعضاء ذاتها وشعوب البقاع الخاضعة لسلطانها". ونردف متسائلين بسخرية من بؤس مآل مفهوم حقوق الانسان لدى الزاعمين الدفاع عن حقوق البشر..بربّكم أين تمت التوصية على صفة نصاب أو محتال أو مستفيد من الريع والمتربصين والمستفيدين من المأذونيات ومعتقل للحق العام في النداء السالف الذكر.
و اذا كانت حالة زكريا المومني كما وجدت لها منظمة "أمنستي" مسوغاتها الشعاراتية الحقوقية المفضوحة والمغشوشة والمزيفة ، لأنه بذلك ستستدعي المنظمة كل المعتقلين بتهم النصب والاحتيال الى برنامجها الاذاعي في نانسي بصفتهم معتقلين للرأي وسياسيين، عملا بالمادة 7 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان والقائلة ب"كل الناس سواسية أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية متكافئة عنه دون أية تفرقة، كما أن لهم جميعا الحق في حماية متساوية ضد أي تميز يخل بهذا الإعلان وضد أي تحريض على تمييز كهذا"؟؟؟
في زمن الخواء وتراجع صوت الضمير والحكماء، وفي عصر تراجع صوت الضمير الإنساني و انتصار حقوق الانسان المخدومة، والكاميرات والاذاعات والصحافة العمياء، نذكر "أمنستي " الفرنسية بأن أقل جريمة ارتكبها المومني هو النصب والاحتيال على مواطنين في مبلغ 2800أورو أخذها منهم، كرشوة مقابل وعدهم بإيجاد فرص شغل لهم في الخارج.
ونسألها مرّة أخرى عن حقوق الضحايا بعد لجوئهم الى العدالة والقضاء أم أنّ هؤولاء ليسوا مغاربة وبشر ليسوا متزوجين بفرنسية ومتجنسين فرنسيين. و نسائلها عن المادة 29 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان ومنطوقها التالي: على كل فرد واجبات نحو المجتمع ..ويخضع في ممارسة حقوقه وحرياته لتلك القيود التي يقررها القانون فقط، لضمان الاعتراف بحقوق الغير وحرياته واحترامها ولتحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام والمصلحة العامة والأخلاق في مجتمع ديمقراطي،لا يصح بحال من الأحوال أن تمارس هذه الحقوق ممارسة تتناقض مع أغراض الأمم المتحدة ومبادئها..
وختاما نخلص بكل موضوعية الى أن منظمة "أمنستي" تخبط خبط عشواء في قضية زكريا المومني، وتتفنّن في صناعة نجوم من معتقلي الحق العام الى معتقلين سياسيين زورا، وبذلك تضرب عرض الحائط المادة الثلاثين التي تقول" ليس في هذا الإعلان نص يجوز تأويله على أنه يخول لدولة أو جماعة أو فرد أي حق في القيام بنشاط أو تأدية عمل يهدف إلى هدم الحقوق والحريات الواردة فيه" لتكون "أمنستي" منظمة ينطبق عليها منطوق المادة الواضح وينسجم أداءها في تمييع المبادئ السامية التي جاء بها الميثاق والإعلان لسنة 1948 والمعمول به الى يومنا، حيث تقوم بنشاط وعمل يهدف الى هدم هذه الحقوق" وتضع نفسها في اطار الجمعيات غيرالمسؤولة وعديمة المصداقية دوليا..