تقاطع بضع الجمعيات المنتدى العالمي لحقوق الإنسان بمراكش، الذي ينطلق غدا، وذلك بمبررات عديدة، ومتناقضة أحيانا، من قبيل أن الدولة المغربية التي تنظم هذا المنتدى تقوم بالتضييق على حق الجمعيات الحقوقية في التجمع والتنظيم، كما يعرف المغرب تراجعات خطيرة في ميدان حقوق الإنسان، وهناك من يقاطع لأن تمويل المنتدى يأتي من الدول الرأسمالية، وهي نفسها الجمعيات التي تلحس التراب من أجل التمويلات الإمبريالية. لنفترض جدلا أن ما قالته هذه الجمعيات صحيح. لكن لابد من القول إن المجلس الوطني لحقوق الإنسان أنجز تقارير تعتبر راديكالية بمنظور هذه الجمعيات. والمجلس يشرف على التنظيم. فما لا تريد فهمه هذه الجمعيات هو أن المؤسسات الوطنية تقوم بدور التنسيق وربط الجمعيات الوطنية بنظيرتها الأجنبية وكل واحد حر في طرح أفكاره. ثم إن المنتدى ليس ملتقى سياسيا، وإنما هو منتدى للتكوين الحقوقي والاطلاع على تجارب الآخرين في هذا المجال، وتنظيم أوراش. إن استضافة هذا الحدث الدولي يشكل إقرارا بحيوية المؤسسات الوطنية، وجمعيات المجتمع المدني المشتغلة في مجال الحقوق الإنسان، علاوة على كونه تحديا كبيرا من شأنه أن يبرز مدى قدرة هذه المؤسسات والجمعيات على المساهمة في إنجاح منتديات من هذا الحجم. كما أن تنظيم لقاءات وندوات تحضيرية يهدف بالأساس إلى ربط الحركة الجمعوية والمؤسسات الحقوقية الوطنية مع نظيرتها في العالم، إلى جانب أنها تشكل فرصة للتكوين والتمرين والمساهمة في طرح عدد من القضايا المستجدة في الحقل الحقوقي، وتقوية قدراتها وتمكينها من عقد شراكات مع الشبكات الحقوقية عبر العالم. يبدو أن العامل الوحيد للمقاطعة هو أن المنتدى ليس فيه تمويل وبالتالي يعتبر مجرد ضياع وقت بالنسبة لشيوخ حقوق الإنسان. ومن غرائب مبررات المقاطعة ما قاله محمد الزهاري، رئيس العصبة المغربية لحقوق الإنسان، حيث تفوه بكلام لا معنى له "منتدى لا يستدعي أيقونة حقوق الإنسان خديجة الرياضي التي حازت على جائزة أمريكية في الدفاع عن حقوق الإنسان لا يستحق أن نحضره". أرحت واسترحت. فالرياضي ليست أيقونة لأنها كانت فقط واجهة لشيوخ الوقفات والمسيرات، وليس لها تاريخ في المضمار حتى تكون أيقونة. ثم إنها لم تنل الجائزة لأنها مدافعة عن حقوق الإنسان ولكن لأنها خائنة لبلدها المغرب، وذلك من خلال تبنيها لأطروحات البوليساريو، والانخراط التام في الحراك الممتد للإساءة للمغرب، وكانت أكثر نشاطا لما احتد العداء للمغرب من قبل الممولين الدوليين. فالمقاطعة إذن ليست مبنية على أسس واضحة، لأن المؤسسات الوطنية المنظمة هي مجرد منسق لعملية احتضان الدورة الثانية للمنتدى العالمي لحقوق الإنسان، وثانيا لأن الجمعيات لم تقدم مبررا واضحا لهذه المقاطعة بقدر ما تشبثت بأطروحات مهزوزة. لقد تبين أن الغرض من المقاطعة ليس هو الهدف وليس التعبير عن الاحتجاج هو الهدف ولكن الغرض هو التشويش على التقدم المغربي في مجال حقوق الإنسان الذي منحه احتضان الملتقى.