سمحت العدل والإحسان لنفسها أن تتحول إلى ناطق رسمي للعديد ممن "حلمت بهم الوقت" وصاروا في العهد الجديد للمغرب حركات ومجتمعا مدنيا يتكلم عن حقوق الإنسان، على الرغم من أن واقع كل هؤلاء لا يليق أن يرقى بهم إلى كائنات حية حتى، فبالأحرى أن يجرؤوا على الحديث عن الإنسان وبالتالي حقوق هذا الإنسان، وأين؟ بالمغرب الذي أصبح مشهودا له دوليا بالحكامة في هذا المجال إلى درجة تعدى أن يكون فيها نموذجا يحتذى إلى مرجع تنهل منه المؤسسات والدول ذات الباع الطويل في حقوق الإنسان. لقد سمحت العدل والإحسان لنفسها أن تكون بوقا لمن أصبح لهم بين عشية وضحاها رأي في مجال يبعد عنهم بعد السماوات والأرض بالمغرب ويكون لهم فيه "إبداعات"، وهم الذين يعرف العادي والبادي أن مثل مناوراتهم هذه تدخل فقط في المشاكسة والمماكسة التي وراءها مكاسب مادية اعتادوا على نيلها من الجهات التي توفرها لهم، أكثر مما تدخل هذه المناورات في المواقف البحتة. العدل والإحسان التي "ناضلت" كذبا بهدف "التقويم" الديني الذي لا يدخل إلا في مفاهيمها الفجة وجعلته شعارها المُغالِط ومنفذها إلى الكسب المتنوع من العديد من الجهات التي تكن العداء الأكبر للمغرب ومؤسساته، ضربت عرض الحائط تاريخها الملطخ كما ضربت الكبرياء المصطنعة التي ظل يركبها شيخها ياسين قيد حياته وتحاكيه فيها كريمته ندية، لتصبح هذه الحركة بقدرة قادر "سُخريا" لدى جمعية مراكشية تأتي على رأس من "حلمت بهم الوقت" في حقل حقوق الإنسان ولا تستطيع أن تتعدى طوق "المحلية"، حيث ركبت على التضامن والدفاع عن الحريات والحقوق بالمدينة الحمراء في شعار يكبرها ويعظم حتى على كبريات المؤسسات وأعتد الحكومات. التنسيقية المذكورة التي يفهم من جرأتها الزائدة أنها مدفوعة الأجر إلى حد التخمة لم تفهم اللعبة المحيكة ضدها ولا المؤامرة الكبرى التي تحولت فيها إلى "مطية" سالبة وهي التي كانت ربما تحلم أن تكون "بطلة" من ورق، وجدت ضالتها في العدل والإحسان التي تبنت أفكارها السمجة. وفي الوقت الذي راعت فيه هذه الجمعية / التنسيقية وجمعيات أخرى حقائق منظومة حقوق الإنسان التي ارتقت بالمغرب بعد مجيء الملك محمد السادس إلى الحكم أخذت العدل والإحسان هذه الأفكار من حيث تفهمها هي قدر فهمها لـ"القومة" الفاشلة والرؤية الكاذبة. وبينما توقفت الجمعية عند عناوين فضفاضة في بلاغ يفهم منه الشيء القليل من الضغط لفرض الوجود المعنوي والكسب المادي، صارت العدل والإحسان تنفخ في فحوى هذا البلاغ راكبة صهوة التهويل والتطبيل جاعلة منه بلاغا احتجاجيا تارة وتارة خطابا إنذاريا. وعلى الرغم من أن المغرب، وبشهادة المنتظم الدولي، قطع أشواطا كبيرة في الحقوق و الديمقراطية والحريات وجدت الجماعة في التنسيقية مادة دسمة تصفي حسابا ليس له من وجود إلا في مخيلة الساهرين عليها في مكتبها، أما الذين يدفعون إليها وإلى أمثالها فقد أصبحوا في عداد أسخياء العالم الذين لا يرتاحون إلا إذا عكروا صفو المغرب في مجال حقوق الإنسان ودفعوا بدل ملايير دنانيرهم بلايير الدولارات وضخوا في جيوب أجرائهم عائدات الملايين من براميل الغاز والبترول.