عزيز الدادسي
كان بإمكان حسين مجدوبي، مدير موقع ألف بوست أو وكالة أنباء ثورة الكمون، أن يأخذ بيان الجماعة مباشرة من موقعها، لكنه فضل أن يشير إلى أذنه اليسرى بيده اليمنى، ويستأجر مادة "مخدومة" من وكالة الأناضول، المملوكة للسلطان العثماني أردوغان، وهي مادة اجتهدت لتظهر موضوعية لكنها بقيت محصورة في الدعاية للجماعة، التي تساند السلطان، ويساندها حيث نظمت لقاء عن عبد السلام ياسين بعاصمة الخلافة العثمانية أغلب حضوره من الجماعة.
من يدير الوكالة في الرباط هو من قدم للجماعة خدمات جليلة أيام اشتغل في الصحافة المكتوبة، ومجدوبي وجدها فرصة ليقول لسيده ها أنا أكتب مقالا يتحدث عن انفراد الملك بالسلطات، لكن بلسان بيان جماعة العدل والإحسان، التي لم تخرج من قوقعتها وما زالت تحشر نفسها في بقعة صغيرة.
ويبدأ حسين مجدوبي "تحراميات" من العنوان الذي جاء على الشكل التالي "العدل والإحسان المغربية تشجب انفراد الملك بمرافق الدولة واحتكار ثروات البلاد". الانفراد بالسلطة يتم في الأنظمة التي ليس فيها دستور ولا قانون، أما الحكم في المغرب فهو ملكية دستورية برلمانية، أي أن الدستور هو الذي يحدد الاختصاصات وليس الأمر الواقع والأعراف، فالدستور حدد اختصاصات الملك كما حدد اختصاصات رئيس الحكومة والحكومة والبرلمان وأعطى لكل واحد دوره.
الدستور المغربي، الذي صوت عليه الشعب المغربي يوم فاتح يوليوز بالأغلبية، والذي تم إنجازه لأول مرة بطريقة تشاركية، ووافقت كل الأحزاب على صيغة إنجازه باستثناء العدل والإحسان والنهج الديمقراطي وبعض الأشخاص الذين يدورون في فلكهما، ورأيهم يحترم لكن شرط أن يحترموا رأي هذه الأمة من الأحزاب والجمعيات وتصويت الشعب، هذا الدستور هو الذي حدد اختصاصات الملك. فكيف تأتي جماعة "موكة" لتقول إن الملك ينفرد بالسلطة؟
واختار مجدوبي تغطية مغرضة لبيان الجماعة الصادر عقب انعقاد الدورة الثامنة عشرة لمجلسها القطري. وتصر الجماعة على تسمية برلمانها بالمجلس القطري بدل المجلس الوطني، لأن الوطن في نظر عبد السلام ياسين قرين للوثن، والقطر هو جزء من الخلافة الإسلامية، ومع ذلك تصر الجماعة على الحديث عن الديمقراطية وما شابه ذلك في حين أن نموذجها النظري هو الخلافة وليس الدولة المدنية التي لم تنفع تسويغات فتح الله أرسلان في شرحها.
وأصرت الجماعة على تضييق الدولة على الحريات. الحريات مخنوقة في المغرب والجماعة تعقد مجلسها القطري في حفرة من الحفر دون أن يمسسها سوء. لكن الجماعة تريد بالحريات الفوضى وإشاعة اللا قانون واحتلال المساجد تحت عنوان الاعتكاف، وتخريب مؤسسات الدولة تحت عنوان اختيار الشعب ووضع اليد في يد الأجنبي والتعامل مع كل من يريد الشر للمغرب. هذه ليست حرية وإنما فوضى.
لكن مجدوبي، الذي يهمه من أكل الجيفة فقط خدمة سيده لم يسائل العدل والإحسان، التي قضى مرشدها أكثر من ثلث قرن في منصبه ويتولى المتوكل رئاسة الدائرة السياسية لأكثر من 18 سنة.