حينما تمت تلاوة رسالة الملك محمد السادس في الجمعية العمومية الـ69 لهيئة الأمم المتحدة أمام المنتظم الدولي أجمع، صفق لها العالم ووقف تحية إجلال و تقدير، إيمانا منه بحمولتها الثقيلة والمختلفة لفائدة حاضر المجتمعات ومستقبلها، عبر التصورات العميقة التي سطرها جلالته للتنمية الاجتماعية والاقتصادية عبر حق الإنسان في هذه التنمية المستدامة والحكيمة بكل البقاع، وكانت الإشادة الدولية بـ"إنسانية" هذه الرسالة التي شكلت درسا بليغ الأهمية لأقرب جيراننا أي الجزائر، في ضرورة الاعتناء بالمجتمع الذي يشكل عماد كل الأمصار كما شكلت له عاملا مُنغّصا يصدح بالحقيقة التي كاد العاجز المُقعد من حكام هؤلاء الجار ذي الجنب أن ينحني لها إجلالا لصدقية محتواها وواقعيتها على الرغم من صعوبة هضمها في زمانها ومكانها فبالأحرى أن يسلم بها وهو الذي جثم على كرسي السلطة والمسؤولية كرها وضدا على إرادة الجزائريين بل ضد الأعراف والمواثيق الدولية في الديمقراطية والحقوق. في الوقت الذي خبأت جذوة بوتفليقة ومن معه من الجنرالات الغلاظ، الذين يجثمون على صدور الجزائريين ويرعون قادة الانفصال في تندوف ومخيماتها في آن واحد، (خبأت) أمام حمولة هذه الرسالة التي أسكتت العالمين، انبرى ولد السالك الوزير المزعوم للشؤون الخارجية في مخيمات البوليساريو بتندوف، يزعم مناقشة المحتوى الواقعي الرفيع لهذه الرسالة من دون أن يفلح ، واليوم والعالم أجمع أيضا، يجمع على نضج الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى التاسعة والثلاثين للمسيرة الخضراء ونجاعة حمولته السياسية والإنسانية والاجتماعية، حيث وضعت التوجهات الملكية النقاط البارزة على الحروف، سواء في ما يخص الجهوية المتقدمة أو تنمية الأقاليم الصحراوية أو موقف المغرب من صحرائه ومن الخونة والانتهازيين المتعاونين مع أعداء المغرب وقضيته الأولى، أو تحذيره من مغبة محاولة تغيير طبيعة النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، خرج ولد السالك مرة أخرى يعلن فتحا من فتوحاته الخرافية، ينقّص من قيمة الخطاب الملكي ويتعدى ذلك بالوصف غير اللائق للتوجهات الملكية، وهدفه في ذلك أكثر من قصد، أوله وآخره الترويح على النفس والتعويض عن الهزائم المتتالية للقيادة في البوليساريو ومعها الحكام في الجزائر الذين يدعمون هذه القيادة بالمال والعتاد والأفكار والرجال وبخيرات الغاز والبترول، وهي الهزائم التي تكبدوها أجمعين وهم يقفون على حجم الإجماع الدولي على النجاحات المبهرة التي يحققها المغرب الحديث بقيادة جلالة الملك على أكثر من صعيد تعدى الميدان الحقوقي والاجتماعي والاقتصادي إلى ما هو تنموي محلي وآخر إقليمي ليس على صعيد القارة السمراء التي توغل فيها المغرب بالاستثمارات الاقتصادية والتنموية وإنما على الصعيد الدولي في إطار الشراكات مختلفة النوع والقيمة في منطقة الشرق الأوسط والخليج وشرق العالم حيث روسيا وجنوب آسيا حيث الصين، ناهيك عن أمريكا اللاتينية وناهيك عن شركائه في القارة الأوروبية والأمريكية الشمالية. لقد سعى ولد السالك إلى أن يسمم العلاقة بين المغرب والمنتظم الدولي في شخص مجلس الأمن حينما قال في مؤتمر صحافي إن الملك محمد السادس أخذ هذا المجلس بعين الاحتقار وهو يدعوه إلى عدم تغيير طبيعة النزاع في قضية الصحراء، غير أنه نسي أو تناسى أن الذي يمارس لعبة الاحتقار لن يكون إلا ولد السالك نفسه ومن يدور في فلك قيادة البوليساريو، حينما يمارسون التغليط والمغالطة في حق مواطنين صحراويين تم احتجازهم في مخيمات العار والمهانة من دون حقوق، ولا أدنى واجب من واجبات العيش الكريم حيث يصادرون المساعدات الإنسانية المخصصة لهم ويتاجرون باسمهم وبأعراضهم وأعراض أبنائهم ونسائهم إلى درجة التسول بهم، وحينما يضطهدونهم ويستعبدونهم باسم التحرر. فالملك محمد السادس في خطابه للمسيرة الخضراء، أصاب كما أصاب في كل توجهاته السياسية والاجتماعية وفي كل الخطابات والمبادرات التي يحرص المنتظم الدولي، من شرق الكرة الأرضية إلى غربها، على أن يثمنها ويقتدي بها ويجعلها خارطة طريق للتنمية المختلفة وبث الاستقرار والأمن، إيمانا منه بأن مصدرها الذي هو المغرب وملكه محمد السادس يسعى إلى بث الاستقرار الدولي بداية من منطقة يوجد بها وتعد بؤرة مشتعلة تنذر بالفتنة التي أساسها التطرف والإرهاب الذي تلهث وراء زرعه الجزائر وكيان وهمي اسمه "البوليساريو".