قرر مركز ابن رشد للدراسات وضع حد لأنشطته ابتداء من نهاية العام الجاري، تمهيدا لحله بداية مطلع العام القادم منيبا محاميا لمباشرة الإجراءات القانونية المترتبة عن هذا القرار خصوصا تلك المتعلقة بالإلتزامات مع المستخدمين و الشركاء.
رئيس المركز أفاد في تصريح لإحدى اليوميات المغربية أن المركز تعرض لمضايقات بعد مساهمته في تنظيم ندوة في السادس من أبريل المنصرم كان هدفها فتح نقاش بين الإتجاهات العلمانية والإسلامية في المغرب وإيجاد سبل التقارب بينها...
آثرت أن أكون وفيا حد الاستنساخ لمواقف رئيس المركز باعتماد الصيغة التي وردت في البيان الرسمي والتصريح الذي أدلى به الرئيس حتى لا تقول الناس أن هناك اختلاقا من أجل الإساءة إلى المركز و رئيسه.
فبين التصريح والبيان و تسمية المركز نعيش الطامة الكبرى، فالمركز يعتبر نفسه مركزا للدراسات، والدراسات هنا تعني التجرد، تعني الإستقلالية، تعني الموضوعية في التعاطي مع مواضيع الدراسات، حتى يحضر ما هو أكاديمي، علمي، موضوعي ويغيب الذاتي والسياسي والفئوي واللاعلمي واللاموضوعي واللاأكاديمي، حتى يتم التعامل مع منتوج المركز كمنتوج ذي مصداقية يفرض نفسه على الجميع بغض النظر عن الخلفية السياسية أو الإديولوجية أو الجغرافية أو الإثنية لصاحب الدراسة.
المصداقية لا يكسبها المركز من خلال بياناته أو تصريحات مسؤوليه أو عناوين منتوجه، بل هي قيمة يراكمها من خلال اعتماد دراساته من طرف المتلقي أكان فاعلا رسميا أو غير حكومي في الداخل و الخارج.
يقول رئيس المركز أن المركز تعرض لما تعرض له بعد مساهمته في تنظيم ندوة كان هدفها فتح نقاش بين الإتجاهات العلمانية والإسلامية وإيجاد سبيل التقارب قبل أن يعتبر سيادة الرئيس أن ذلك كان خطأ لا يغتفر مردفا أن سياسة النظام الأساسية تمنع أي تقارب بين الإتجاهين حتى يبقى ميزان القوى لصالح المخزن و التصريح لرئيس المركز.
فهل رأيتم يوما مركزا مكلفا بالدراسات يترك الدراسات لغيره و يتطوع لبناء تقارب- تحالف -جبهة بين فرقاء سياسيين؟ فهل هذا فعل أكاديمي أم عمل سياسي؟ هل مشروع من هذا النوع يتكلف به مركز علمي يحمل اسم ابن رشد مكلفا بالدراسات أم حزب سياسي، هل الدارس الأكاديمي يتكلف بتتبع تطور و دينامية المجتمع السياسية و الإجتماعية و الفكرية أم يتحول إلى فاعل يخلق الحدث، هل فعل من هذا النوع هو عمل تأثير أم عمل تحليل و فهم.
كنت سأحترم رأي المعطي نجيب حول دينامية المجتمع و أسباب فشل حركة 20 فبراير لو قالها كخلاصة لدارس مهتم بالتاريخ المعاصر بدون أن يحشر أنفه في الزاوية الضيقة للفاعلين الفاشلين الذين جابوا شوارع المغرب قبل أن يعودوا إلى مراكزهم و يتخدوا قرارات أو تتخد لهم ليعودوا باسم العلم و البحث الأكاديمي من أجل فرض إعادة تشكيل النسيج السياسي و الإجتماعي وفق نسق معين.
فالقانون يمنع على الفاعلين السياسيين تلقي تمويلات خارجية لكن رئيس مركز ابن رشد يقول أنه خضع و إحدى ضيفاته الأجنبيات، قال إنها مديرة مؤسسة "فريدريك نيومان"، إلى مراقبة لصيقة من أجل إخافة شركاء المركز بمعنى آخر ممولي المركز.
فهل تتحمل مديرة المركز الشريكة المسؤولية في تمويل مشروع سياسي ذي أهداف سياسية بهذا الشكل الذي يعتبر تدخلا فجا في الشأن الداخلي المغربي؟
إنه سؤال مطروح على المركز و مديرة المؤسسة و من خلالهم على كل المؤتمنين على الشأن العام المكلفين بإعمال القانون حول التمويل الأجنبي لمراكز بعينها و حول أهداف المراكز المكلفة في الأوراق بالدراسات و في الخفاء بأشياء أخرى.
التقارب بين الفرقاء السياسيين ليس شأنا أكاديميا فهو موضوع سياسي بامتياز و لا وصاية لا للدولة و لا لغير السياسيين على الأطراف المعنية بالتقارب، فلماذا يتطوع المعطي لفتح النقاش إذا لم يكن المعطي معني بهذا التقارب وبدفعه لكي يتبنى سقفا معينا و حتى نكون واضحين فالمعطي " غِيرْ مْسَخَّرْ" فالتقارب مشروع فوقي له أولوية سياسية مستعجلة هو مشروع سياسي يريده "أميرنا المنبوذ" و المعطي ليس إلا صوتا مبحوحا اختار أن يكون واجهة لمشروع يريده صاحبه لأنه يريد أن ينتظم الجميع بشكل سريع في إطار مشروع يحركه المنبوذ، لأنه زَرْبَانْ. وحرك من أجل ذلك أطرافا مختلفة من أجل دفع فصيل اسلامي إلى تحريك ما تبقى من عديده إلى حلبة " التقمار السياسي" حتى ينفض المنبوذ عن نفسه غبار المهدي المنتظر و يطرح نفسه كبديل في إطار المجلس الوطني الإنتقالي وفاءا لخطة "ناو" كُلْشِي نَاوْ " فرِيدُومْ نَاوْ " و " فْرِي نَاوْ " و " تَقْلَبْ نَاوْ " السيد "زربان كُلْشِي خَاصُو يْكُونْ نَاوْ" و ما على الناس إلا أن تجتمع حول طاولة و تفكر و تقرر بكل استعجال أن يكون "ناو" هو شعار المرحلة، لقد كتب كتابه الذي كان له تأثير بليغ على المغرب و انطلاقا مما ورد في الكتاب قرر الجميع أن يقفوا وقفة رجل واحد و يحتلوا الشوارع و الأزقة الضيقة و أن يتطلعوا جميعا إلى المطار انتظارا للرجل الذي سوف يأتينا في طائرة و لا يهم أن تكون تابعة لشركة "بانام الأمريكية" أو "إيرويز البريطانية" المهم أن يأتينا بكل سرعة حتى نقطف جميعا تمار مبادرة ابن رشد للدراسات. إنه مفهوم مراكز الدراسات عند آل عين عودة فكل الطرق لابد لها أن تؤدي إلى روما. إذا كان الفرقاء يريدون أن يتقاربوا فليتقاربوا، فهل هم تابعون للمخزن أو غير المخزن حتى يمنعهم، و الفرقاء يعرفون بعضهم البعض منذ سنوات و يتعايشون و يتعاركون في إطارات الجماهيرية منذ زمان و هم ليسوا في حاجة لا للمخزن و لا للمعطي أو العربي لكي يتعارفوا و يتقاربوا و هم أعرف الناس ببعضهم البعض...
إفلاس المركز وإعلان مسطرة الحل والتصفية ليس وليد اليوم فهو إفلاس يعود إلى اليوم الذي قرر فيه المعطي أن يتنازل عن قبعة العلم والدراسات الأكاديمية ليربط المركز بالحسابات الصغيرة " لتيار الزربة وكل شيء ناو" و يريد أن يتطوع الخارج لتمويل مشاريع سياسية فوقية ذات أنساق غير وطنية.