شكل خطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى التاسعة والثلاثين للمسيرة الخضراء فيصلا بين الحق والباطل، وشدد على أن الوطنية لا تلتقي مع الخيانة، وأنه لا يوجد بينهما منطقة رمادية، فالمرء إما أن يكون وطنيا أو يكون خائنا، ولا مجال هنا للمذبذبين بين هؤلاء وأولئك، وبالتالي فإن المغرب ينبغي أن يكون صارما مع الخونة. عرفنا الخونة في الجمعيات، التي تلقت تمويلات ضخمة ومنفوخة، وذلك بالتزامن مع الربيع العربي ومع اشتداد العداء للمغرب وارتفاع التمويلات من الجهات الساعية إلى زعزعة استقرار البلد، وعملت هذه الجمعيات تحت شعارات حقوقية ونضالية، ورفعت مطالب جذرية، لكنها انفضحت عندما كشفت عن مساندتها لأطروحات البوليساريو التي هي أطروحات الجزائر. وكتبت بعض الصحف ووسائل الإعلام الإلكترونية عن مرتزقة الجمعيات الحقوقية وغير الحقوقية، التي تتعدد أسماؤها وتلتقي في هدف واحد، ألا وهو خدمة الأجندات الأجنبية ومحاولة تخريب النسيج الاجتماعي للمغرب، لكن المؤسف أنه لم يتم لحد الآن الكتابة عن الخيانة التي تمارس وسط الصحافة وعبر الصحافة نفسها. كانت الصحافة وستبقى أرقى مهنة في تاريخ البشرية، باعتبارها تجمع بين وسيلة العيش واحترام المبادئ والدفاع عن الحقوق، لكن بعض المرتزقة جعلوا منها أداة للخيانة، ومنها الخيانة العظمى، وأداة للارتزاق وحتى للنصب والاحتيال على مستوى عال جدا. فمع بزوغ الربيع العربي، أو إعطاء الانطلاقة لهذا الربيع من مركز موجود بهنغاريا تشرف عليه المخابرات الأمريكية، حتى اشرأبت أعناق الكثير من المغاربة، ونضع كلمة مغاربة بين أقواس كبيرة، لتتلقى رحمات السيد الكبير الجالس خلف الستار. وبما أن قطر كانت هي عنوان التغيير في العالم العربي، رغم أنها لا تتوفر حتى على البلديات ورغم أنها تعتبر الآن موضعا للعبودية في القرن الواحد والعشرين، ارتمى في أحضانها العديد من الصحفيين، كل حسب موقعه ومكانته في صحافة الارتزاق. كبيرهم الذي علمهم الخيانة أصبح معروفا لدى الدوائر القطرية، وهو دائم التنسيق مع عزمي بشارة، مستشار أمير قطر، الذي وضع الملايير رهن إشارة النائب الإسرائيلي السابق. ولقد تعلموا من نفس النهج. وهو نهج اجترحته قطر عبر استقدام مكتب دراسات، لكي تتحول من دولة ميكروسكوبية في خارطة الجيوبوليتيك إلى دولة تزعج العالم، وجاءت الجزيرة كواحدة من هذه الصناعات، وهي التي تولت الدفاع عن حزب الله وحلف المقاومة، استعدادا لمهاجمته في الوقت المناسب، وذلك كي تمتلك المصداقية ويصدقها المشاهد العربي. عزمي بشارة أيضا تمت صناعته وفق هذا التصور، لقد تقرب أولا من المقاومة، قبل أن يولي وجهته نحو الإسلاميين الذين ترعاهم قطر، ولولا احتضانه في الأول من قبل المقاومة ما كان له شأن. على هذا المنوال تدرب كبير الخونة عبر الصحافة، الملتزم بعدم كتابة أي حرف يسيء لقطر. لكنه ينتقد وزراء في العدالة والتنمية مهيئا لمديح كبير للحكومة ولرئيسها أساسا. فهو يعتبر كبير "الطبالجية" أو "الصيرفي" (كما يحلو للبعض وصفه) الذي يمارس النقد ضد الحكومة ولما يصدقه القارئ يتوجه نحو كيل المديح لها. لكنه ملتزم بنهج واحد هو تشويه صورة المغرب ونشر أخبار البلبلة، التي يمكن أن تزعزع الاستقرار. أليس مثل هؤلاء خونة عبر الصحافة؟