خلد المغرب أمس الخميس ذكرى المسيرة الخضراء. جيل ونيف مضى على الحدث التاريخي لمبدعه الملك الراحل الحسن الثاني. حيث اختار المغرب بوابة السلام من أجل استرجاع أرضه. وواجه دولة محتلة في أوج تسلحها بـ350 ألف مواطن لا يحملون سوى المصاحف، يحدوهم أمل في لقاء إخوانهم الذين "يسالونهم الرحم". شكلت المسيرة الخضراء حدثا تاريخيا، وكانت عنوانا لعودة اللحمة إلى النسيج الوطني، وأظهرت للعالم أن المغاربة يمكن أن يحملوا السلاح في وجه بعضهم البعض لكن لما يحن وقت الجد ووقت تحرير الوطن فلا محيد عن ثورة الملك والشعب. وفعلا كانت المسيرة إيذانا بالاتفاق على العمل الديمقراطي والقطع مع التيارات البلانكية والمغامرات التي قادتها بعض فصائل المعارضة. وفي غمرة الصراع بين المعارضة والقصر خرج زعماء الأحزاب يدافعون عن مغربية الصحراء في العالم. إنها معارضة حقيقية. كانت في أشد شراستها ومواجهتها للدولة. ولسنا الآن في موقع تقييم من كان على صواب ومن كان على خطإ. ولكن في قضية الصحراء كان هناك إجماع وطني وكانت هناك تضحيات. لقد قال الملك الراحل الحسن في جواب عن سؤال وجهه إليه جان دانيال مدير لونوفيل أوبسيرفاتور حول ماذا كان سيفعل لو فشلت المسيرة الخضراء. فكان رد الملك الراحل: كنت سأجمع حقيبتي وأعلن اعتزالي. لقد كان كل المغاربة مستعدين للأسوإ. المعارضة بدورها ضحت بتاريخها ونضالها ووضعته في كفة ووضعت الصحراء والوطن في كفة، وقبولها بالإجماع الوطني لم يكن سهلا، خصوصا مع ظهور موجة اليسار الراديكالي الذي لا يعجبه شيء. لكن كان على رأس المعارضة الشرسة وطنيون بامتياز. رحمهم الله على ما قدموا من خدمات للوطن وأطال الله في عمر من ما زال على قيد الحياة. لكن ابتلينا بقلة قليلة لكنها مشوشة تخون الوطن، منهم فئة قليلة كانت في السابق أيام كان النضال مبدأ لكنها كانت متنطعة وتبنت مواقف بعض المنظمات الشيوعية في العالم التي كانت تساند البوليساريو، وهذه الفئة منهم من راجع موقفه لما تبين له الخطأ، وهذه فئة يمكن أن يتفهم المرء موقفها. لكن الفئة الخطيرة هي التي ترتزق من وراء القضية وتبيع نفسها للشيطان، وتدافع عن أطروحات البوليساريو، وقد تأكد أنها تحصل على أموال طائلة من منظمات دولية تولت كبر التشويش على المسار الديمقراطي بالمغرب، وهذه الفئة أصبح عملها اليوم هو ضرب وحدة المغرب وهويته، كما تحدثنا بتفصيل في افتتاحية أمس الخميس، وتم فضح المخصصات التي تحصل عليها من وراء الارتزاق. المسيرة بهذا الحجم التاريخي، وبهذا الزخم من التضحيات والنضال والشهداء والأرامل، تحتاج إلى وقفة جدية، حتى تصبح الصحراء هي الفيرق بيننا وبين الخونة حتى نقول في مستقبل الأيام "كنا نعرف الخونة ببغضهم للصحراء". من لا يحب الصحراء ليس وطنيا، وحتى من له وجهة نظر مختلفة في تدبير الملف ويحب الصحراء ويدافع عنها فهو وطني، لكن لا ينبغي أن تبقى بيننا جمعيات ضد مغربية الصحراء.