مازال الوضع الأمني المتردي في الجزائر يثير ردود فعل الساسة والديبلوماسيين والمهتمين بمنطقتي المغرب العربي ودول جنوب الصحراء واستتباب الأمن فيهما، وذلك بعدما تأكد للمنتظم الدولي أن الجزائر كدولة محورية في هاتين المنطقتين بؤرة حقيقية للا أمن واللا استقرار إن لم يكن التأكيد على أنها بؤرة للإرهاب وصناعته ومحاولة تصديره إلى دول الجوار في هاتين المنطقتين. المنتظم الدولي ومنه الأوروبي الأقرب شراكة إلى المنطقة المغاربية أبدى مخاوفه الكبيرة على حياة مواطنيه في بلاد المليون شهيد. وفرنسا التي ترتبط بـ"عقد" تاريخي و"روحي" مع الجزائر يفسره الاستعمار الفرنسي لهذا البلد لمدة تزيد عن 130 سنة، تبقى أكبر المتخوفين على رعاياها الموجودين في بلاد يحكمها جنرالات شيوخ وبعقلية متجاوزة تعود إلى إيديولوجية منتصف القرن الماضي لكن ينفلت من أيديهم زمام التحكم في الأمن الداخلي والاستقرار السياسي. هكذا بادر النائب البرلماني الفرنسي فيليب جوفين إلى توجيه سؤال إلى المفوضية الأوروبية حول الوضع الأمني الجد مقلق بالجزائر، وكذا حول التهديد الإرهابي الذي يحدق بشكل خاص بالأجانب والخطوات التي يتعين اتخاذها لحماية المواطنين الأوروبيين في هذا البلد، مع التماس الإجابة عليه كتابة، في أسرع الأوقات. وقال النائب الأوروبي الذي ساءل اللجنة الأوروبية حول عزمها تسليط الضوء على جميع القضايا المتصلة بالإرهاب بالجزائر والتي تسببت في وفاة مواطنين أوروبيين، إن الوضع الأمني بالجزائر جد مقلق، وأن المواطنين الأجانب أصبحوا بشكل خاص مهددين في هذا السياق. وإذا كان من حق النائب الأوروبي أن يتساءل عما إذا كانت المفوضية الأوربية تعتزم دعم تدابير السلطات القضائية الأوروبية الرامية إلى استعادة بيانات أساسية في تحقيقاتها، لدى الحكومة الجزائرية، ولاسيما التحقيقات المتعلقة منها بمقتل رهبان بمنطقة تبحيرين، والمرشد السياحي الفرنسي هيرفي غورديل وكذا عملية حجز الرهائن بعين أمناس، فإن مسلسل الدم الذي عاشت على إيقاعه الجزائر في الآونة الأخيرة واستهدف فيه العديد من الأجانب، وعلى رأسهم الفرنسيون، في إطار الاعتداءات الإرهابية التي ذهب جراءها البرلماني الأوروبي ضمن عملية احتجاز الرهائن بمجمع الغاز بتيغينتورين في يناير عام 2013، تم فيه قتل 37 رهينة أجنبيا، وقطع رأس إيرفي غورديل بالقبايل على يد مجموعة إرهابية تابعة لتنظيم "داعش"، كلها عوامل كفيلة بإثارة قلق المنتظم الدولي من الوضع المتردي للأمن والاستقرار بالجزائر وكفيلة كذلك بالتدخل الفوري لحماية الأجانب بهذا البلد إن لم يكن من الضروري وضع البلاد كلها تحت المراقبة الدولية قبل فوات الأوان.