…ثم اتضح أن المسألة جادة للغاية، وأن القصد منها ليس الضحك فقط، بل من الضروري من الآن فصاعدا أن تعين الدولة المغربية لكل مناضل “فرمليا” قرب باب منزله يرعاه ويسهر على صحته، وكلما أحس بعارض صحي من ذلك الذي نحس به جميعا نحن معشر الآدميين، سارع الباشتمرجي إلي إخطار السلطات المختصة، التي تقوم بإرسال المروحية إلى سطح منزل المناضل فتحمله من هناك إلى هناك، وتتولى رعايته إلي أن يصح ويعود قادرا على ممارسة كل أعبائه النضالية.
صاحب النصيحة القادمة من غير وزارة الصحة، هو الدكتور هشام ،الذي يعرف بباعه الطويل في فحص البلدان والدول والتعرف على أمراضها وأدوائها والعلل، والذي عرف عنه في السابق أنه اكتشف مرض الكوسوفو يوم كان مبعوثا إليها، ثم اكتشف فيما بعد مرض الدول الخليجية حتى أنه أوصى باستقدام مجالسها العائلية إلينا، وفيما بعد أضحى متخصصا في اكتشاف الأمراض الناتجة عن استهلاك مادة الكمون، وهي مادة كان المغاربة يتصورونها صالحة للجسم قادرة على إخراج مختلف أنواع الوجع منه، حتى هلت عليهم نظرية الدكتور هشام الطبية الجديدة، فاكتشفوا أن الكمون ليس فقط نبتة تطحن وتشرب مع بعض الماء أو تغلى للقضاء على أوجاع البدن، بل هي ثورة تنمو وتنمو إلي أن تنفجر في وجه الأطباء.
ومع الدكتور هشام هناك كونسيلتو “تبارك الله ، من الأطباء الحائزين على نوبل وغير نوبل من جوائز التميز في ميدان الطب، القادرين على التعرف على المرض عن بعد، من خلال قراءة مقال أو من خلال فتح موقع للأنترنيت.
وهؤلاء العباقرة من البروفيسورات وصلوا شأوا عظيما من المعرفة الطبية، يمكن للمغرب أن يفاخر بهم فعلا. فمنهم من يتعرف على الجلطة الدماغية من الصورة، ومنهم من يعرف التسمم فقط بالاعتماد على حاسة الشم عن بعد، ومنهم من يعرف المخططات الداخلية للجهاز الهضمي قبل أن يتم رسمها، ويعرفون أن الجهة الفلانية هي التي أمرت بإعطاء فلان الفلاني أكلة اللحم في اليوم العلاني وهي التي تسببت له في المغص الذي كاد يودي بحياته
ورب قائل يقول “مادام لنا كل هذه الخبرة في العلوم الطبية لم تعاني منظومتنا الصحية، ولم يحس فقراؤنا وغير الفقراء بكثير الألم قبل الوصول إلى الداء والدواء؟”
والسؤال وجيه فعلا، ووزير الصحة ملزم بأن يتوجه إلى الكونسيلتو إياه وفي مقدمته الدكتور هشام لكي يطلب منهم وضع خطة كاملة مكتملة للمشهد الصحي المغربي بموجبها لا نستقبل المرضى في المستشفيات، ولا نملأ العنابر بمن يحسون بكثير الألم أو قليله، ولا نلجأ لأجهزة الفحص السريري أو الإشعاعي أو غيره، بل نكتفي بقراءة أسطر من الحالة على آذان وعقول السادة من الهيئة الطبية المعارضة الموقرة فنصل إلى النتيجة التي لن يوصلنا إليها سكانير ولن يدلنا عليها أن مختبر ولا أي مجهر يوجد فيه.
وطبعا ومع كمية الضحك من البلادة النضالية التي تريد أن تحمل الدولة ماتطيق ومالاتطيقه أيضا، لابد من بعض الجد لكي نقول إن حالة أحمد بن الصديق والمصاب الذي تعرض له كشف لنا حقيقة تفكير بعض إخوتنا في الأجهزة المعارضة للبلاد ومصالحها، تماما مثلما كشف لنا أن الدكتور الشهير إياه، لن يتورع في استعمال أقذر الأساليب وأحطها للنيل من بلاده، وإن اضطره الأمر إلى اتهام البلاد ومسؤوليها بأكثر الاتهامات بعدا عن الصواب، بل وربما وصل به طموح التسريع في الوصول إلى مالن يصل إليه أبدا حد اختلاق هاته الأحداث، بل ولم لا تعريض أحد أنصاره للخطر من أجل أن يلصق التهمة بدولة تبدو له عصية على فهمه الطبي والسياسي وكل أنواع التفكير التي يتور ط فيها.
نقطة ختامية لابد منها في هاته الروشيتة الطبية الصحفية السريعة التي كتبناها على عجل، وبخط الأطباء غير المفهوم إلا للصيادلة ولمن أدوا قسم أبقراط يوما: بداية العلاج الجيد التشخيص الجيد، والدكتور هشام ومعه الكونسيلتو الشهير سينتكسون صحيا غير مامرة، لأن تشخيصهم للحالة بعيد عن الصواب، ويعتمد آليات قديمة لا تعترف بها منظمة الصحة العالمية، ولا غيرها من الأجهزة المشرفة على أبدان وعقول الناس.
ويبقى الاختيار الأسلم هو عرضنا جميعا – دكاترة ومرضى – على أطباء نفسانيين مختصين وجيدين، عساهم يقولون لنا مما يعاني البعض بالتحديد، وعسي قولهم هذا يكون قادرا على منع حالة الدكتور والكونسيلتو المرافق له من المزيد من الاستفحال.
شافى الله الجميع، مرضى عاديين، أو مرضى بمرض عظمة لن يصلوها أبدا، دخلت إلى أذهانهم فجأة وترفض فعلا وبأي شكل من الأشكال الخروج…
المختار لغزيوي